المشهد ملتبس وغير واضح والناس فى حيرة، وكل من تلتقى به فى الشارع أو فى موائد الإفطار والسحور أو فى الجلسات الأسرية يفاجئك بالسؤال الذى يشغل الشارع المصرى «ايه اللى بيحصل، وايه حكاية زيارات الوفود الأجنبية والعربية لقيادات الإخوان فى السجن وفى رابعة؟.. هوه التفويض راح فين».
هناك حالة من القلق بدأت تنتاب الجميع من أن ما يحدث هو «محاولات ومفاوضات بليل» لاحتواء الثورة والالتفاف عليها بضغوط دولية من واشنطن وعواصم أوروبية وعربية أخرى فى ظل الارتباك الظاهر فى أداء الحكومة والتردد فى حسم الموقف من اعتصام رابعة والنهضة الذى يزيد من حيرة الناس الذين خرجوا بالملايين لمنح التفويض للجيش وللفريق السيسى لمواجهة الإرهاب والعنف وزعزعة الاستقرار وتهديد الأمن القومى للبلاد. زيارات الوفود الأجنبية فى الفجر تصدر رسائل وانطباعات غير مريحة لدى رجل الشارع العادى الذى خرج لمنح التفويض وبدا يتململ ويتساءل عما يحدث فى تدليل ومحايلة الإخوان لفض الاعتصام والاعتراف بالأمر الواقع، بما يعنى أن الدولة المصرية الجديدة أياديها مرتعشة فى فرض سيادتها وهيبتها مع جماعة ثبت أنها لا تسعى سوى للسلطة على جثث المصريين ودماء الأبرياء منهم. من هنا علينا أن نعترف أن هناك حالة قلق تتزايد يوما بعد يوم مع توالى زيارات الوفود الأجنبية إلى القاهرة واللقاء مع مرسى والشاطر والكتاتنى ورموز الإرهاب فى رابعة والنهضة، فى ظل عدم وضوح الرؤية لطبيعة تلك الزيارات هل هى للوساطة أم لأشياء أخرى تبدو غير مفهومة وغير واضحة. هل هذه الزيارات هى نوع من التكتيك السياسى لتفويت الفرصة على الضغوط الدولية للقاء الإخوان والتاكد أن الجماعة ترفض التفاوض وتصر على المضى فى طريق العناد وكسب مزيد من الوقت لتحقيق مكاسب سياسية أكبر، وبالتالى يكون العالم شاهداً ومؤيداً للإجراءات المفترضة لفض اعتصام رابعة والنهضة؟. ربما يكون ذلك التفسير الذى يميل إليه البعض سواء فى الرئاسة أو الحكومة ولكنه لا يعجب كثيرا من الناس التى ترى أن تلك الزيارات هى انتهاك للسيادة والتدخل فى الشؤون الداخلية لمصر ويعكس حالة الارتعاش والارتباك والخوف وعدم الثقة من الإدارة الجديدة، وبداية غير محمودة لفقدان الثقة. صبر الناس لن يستمر طويلاً فقد منحوا التفويض ومازالوا ينتظرون ما بعد «زيارات زوار الفجر والمفاوضات والمساعى الحميدة والمشكورة». وللصبر دائماً حدود.