منذ أيام خرجت علينا الأخبار تتواتر عن محمود شعبان شيخ الفضائيات الذى عرفناه باسم هاتولى راجل، وكيف أنه كان يسير فى شارع محمد محمود أو ربما أحد الشوارع القريبة من ميدان التحرير، وكما ذكرت الأخبار قبض عليه نشطاء «هكذا تم تناقل الخبر» وأخذوه إلى إحدى الخيام فى وسط الميدان، وتم تصويره فى فيديو يبدو مهينًا ربما شاهدته أو لم تشاهده ولكنه حدث، ثم تتابعت الأخبار أن من قيل عنهم نشطاء سلموه للشرطة وتم تحرير محضر بالواقعة وسؤال الشيخ ثم صرفه من قسم الشرطة، هذا بالتحديد ما قرأناه وعرفناه من خلال الفيديو المنشور.
ودعونى أقر بداية أننى من أشد وألد أعداء مستخدمى الدين فيما لا يجب استخدامه، وأن من أكثر من أضر الدين ومصر بالتالى هم من يطلقون عليهم مشايخ الفضائيات ومحمود شعبان واحد منهم.. إذاً فمحمود شعبان بغض النظر عن كونه شيخا أو غير ذلك بينى وبينه ومن على شاكلته خصومة، ولكنى أيضًا أقر أنه بغض النظر عن خصومتى مع ما يمثله هذا الرجل من تيار إلا أننى أرفض تمامًا مع حدث معه سواء ممن يطلقون على أنفسهم نشطاء أو من الشرطة، فمحمود شعبان مواطن مصرى من حقه أن يسير فى شوارع مصر كيفما يشاء وقتما يشاء وليس من حق أحد أن يقبض عليه إلا الشرطة لو كان مطلوباً فى تهمة ما، ولكن ما يحدث فى مصر الآن ومنذ فترة ينذر بتفكك الدولة التى تمثل السلطة حين يصبح من حق أى أحد أخذ سلطة القانون وتنفيذه فى يده أن يكون هو صاحب الأمر والنهى وحسب هواه، وإن كان ذلك قد حدث فى فترة حكم مرسى الرئيس المخلوع فنحن قد ثرنا عليه وعلى كل ما كان يمثله من انهيار لسلطة الدولة حين تقرر الناس العقاب على الجانى باسم الشريعة أو حتى باسم غياب الشرطة والأمن، إذاً لم يكن من حق أحد القبض على محمود شعبان.
ثم نأتى لثانيًا وهو السؤال عن اعتصام التحرير وغلق الميدان أمام المرور العام، وقد يقول قائل إن الموجودين فى ميدان التحرير هم من يحافظون عليه حتى لا يتم احتلاله من قِبل جماعة مرسى، وأظن أن تلك هى الإجابة الوحيدة المتاحة وهى إجابة كارثية لأنها تؤكد تفكك السلطة فى مصر، فقد تطلب منا السلطات أن نؤازرها بالاحتشاد، وقد يتفق الشعب فى موضع آخر على التظاهر لكن أن يتم استخدام مجموعة مدنية من المواطنين لحجز ميدان حتى لا يتم احتلاله من فئة باغية فتلك دولة رخوة وهذه أكثر الكلمات أدباً للتعبير عن الحالة التى نعانيها، فإن كان اعتصاما رابعة والنهضة يشكلان ضغطاً إنسانياً ودولياً على السلطة مما تطلب منها أسابيع حتى تفضه رغم عدم قانونيته وإنسانيته فإن أغلب الشعب يراه تصرفا رخوا، فإن بقاء احتلال ميدان التحرير وغلقه حتى من أنصار السلطة والأغلبية الآن يعد أيضًا تصرفًا رخواً بلا معنى ولا ضغوط وميدان التحرير قلب القاهرة يجب أن تحرسه وتصونه قوات الشرطة لا قوات الشعب لأن من يحمونه الآن أو هكذا يظنون قد يتحولون فى لحظة إلى مصدر تهديد لأنهم شعروا أنهم منفذو القانون، ثم ليس من حق الحكومة أن تستخدم المواطن حسب هواها مرة كعصاة ومرة غير ذلك.
الحق أن رخاوة التصرف من الحكومة أى حكومة يجلب عليها وعلى الشعب الذى تحكمه الويلات، ونحن فى مصر نعانى من ويلات قرابة الثلاث سنوات وبعد 30 يونيو بدأ الشعب يمسك بالأمل بعد حالة طويلة من اليأس، ورغم إدراك الشعب للمصاعب التى تقابل تلك الحكومة والمسؤولين عنها إلا أن شيئاً واحداً لا يستطيع هذا الشعب أن يدركه أو يستمر فى قبوله من هذه الحكومة أو أى مسؤول فى أن يكون رخوا.
الشعب عمل اللى عليه وزيادة زهق وكفر فثار، وخرج بالملايين ليؤكد لنفسه قبل العالم أنه خلاص لا يريد الإخوان وحكمهم، ثم طالبه جيشه بالنزول ثانية لتفويضه فى محاربة الإرهاب ففعل وأدركه الأمل فى الخلاص الكامل، فإذا بالمسؤولين عنا بدلاً من أن تنتابهم حالة ثقة وأمل منحه شعب عظيم لأى حاكم تنتابهم رخاوة ورخامة وحالة ضعف وكسرة عين تكسر ألف قانون وقانون، مما قد يدفع هذا الشعب لأن يصرخ فى وجه الحكومة هاتولى راجل أو أضعف الإيمان اشربوا بيرل.