نحن العرب نهوى كلمات الزينة وعبارات النفخ وإشارات التفوق الزائف.. حينما تبحث عن برنامج «نجوم العلوم» ستجد التعريف يقول إنها: «مبادرة فريدة من نوعها أطلقتها مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع لدعم الجيل الجديد من المبتكرين العرب، ويهدف البرنامج إلى تبنى مجموعة من الشباب العرب المشاركة بأفكارهم وتقديمها».. كلام جميل طبعا لا ينقصه سوى موسيقى حماسية لتثبت كم هو حنون صاحب هذه الفكرة، وعبقرى كأنه أول من انتبه لأهمية العلم والعلماء، والله أعلم بالنوايا.
فى النسخة الأخيرة من البرنامج الأسبوع الماضى كان الوضع فى أول حلقات البرنامج لا يوحى بالمعانى الفخمة التى وردت فى التعريف السابق، فلا بوادر لدعم المبتكرين ولا إشارات بأن البرنامج يتبنى الشباب العرب حقا لوجه الله والعلم، لأن لجنة الحكام ببساطة تجعل المبتكر ينفر منها بعد لحظات من دخوله الاستوديو، ويحمد الله أنه فر هاربا بعد انتهاء الاختبار المعبأ بالضغط النفسى والعصبى والذى يخلو أحيانا من التعامل العلمى مع المتسابقين وأفكارهم، فضلاً عن أنهم يجدون أنفسهم فى موقف أقرب لمتسابقى برامج المواهب السطحية.
فى الحلقة التى حرصت على مشاهدتها منذ البداية لم يعجبنى أداء لجنة التحكيم التى رأيتها «الدكتور فؤاد مراد من لبنان والدكتور عبدالحميد الزهيرى من مصر ويوسف الصالحى من قطر»، كان الأداء استعراضياً على ما أظن، بعضهم تخلى عن وقاره المهنى وبعضهم تخلى عن التواضع المطلوب لكل من يعتبر نفسه خادما للعلم، وبعضهم سخر من الأفكار دون أن نعرف لماذا يرفضها ويهزأ بها، كان المناخ الذى يقيمون فيه الأفكار أقرب للبهرجة منه إلى المبارزة العلمية القائمة على الجدية.
لا أريد أن أكون متحاملاً لكن آلمنى موقف الشاب «المصرى» القادم من أسيوط والذى قال فقط إن لديه ابتكاراً بخاصية «الهولوجرام» لا يستحق هذا التعامل الفظ من لجنة التحكيم التى لو كانت تقدر العلم والابتكار، فضلاً عن احترام إنسانية الشاب، لما سخروا منه وصدوه بهذا الشكل، قد لا أكون ملماً بالتفاصيل العلمية التى رفضوا على أساسها فكرة الشاب، لكنهم لم يخبرونى أيضاً لماذا رفضوها وهذا حق أصيل للمشاهد، وفى المقابل رحبوا بشاب لمجرد أنه اخترع «مبخرة بالبطارية» وهو هو الاختراع الذى لم أفهم أيضاً لماذا قبلوه بسرعة، أخجل أن أشير إلى عنصرية بغيضة تفوح فى ملاطفة اللجنة للمتسابقين فى الخليج وغلظتهم مع غيرهم فى مصر والمغرب العربى «ربما لأن تمويل البرنامج خليجى وترعاه مؤسسة قطرية فى الدوحة تروج لنفسها كمنارة علمية».