ناجح إبراهيم

رسالتى إلى السجناء

الأربعاء، 18 سبتمبر 2013 06:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مكثت قرابة ربع قرن فى المعتقل شغلت نفسى ووقتى كله بالقراءة والتأليف تارة وقد ألفت قرابة 25 كتابا طبع معظمهم وترجم بعضهم.. ومعالجة المرضى..
وتدريس العلوم الشرعية والطبية والخطابة مرات ومرات.. وبالتعلم الحر مرة.. وبالدراسة الأكاديمية أحيانا.. المهم أننى لم أترك لحظة للفراغ فلم أشعر بمرور السنوات والأيام.

فإذا ضيق علينا ومنعنا من كل شيء تحدثت مع أولى العلم من الإخوة الذين أسكن حولهم وأتعلم منهم وأبادلهم الرأى.. وأخبئ الراديو الصغير فى مخبأ لأستمع إلى إذاعة القرآن الكريم أو البرامج الأخرى..وما أجمل وأروع الإذاعة كلها للسجين والمعتقل.. فهى أكثر إفادة من التليفزيون وأعمق منه.. وقد تعلمت منه الكثير والكثير..
لقد كان وجود الراديو مع أحدنا يساوى الدنيا كلها.. وكان أهم شيء يشغلنا هو تجهيز المخبأ له الذى لا يستطيع أذكى ضابط مباحث أو مخبر أن يعرف مكانه.

وكان السؤال الذى يتكرر على َّ دائما من الذين يدخلون السجن حديثا هو: كيف نخرج من السجن ومن هذه المحنة؟

فأشير إلى المسبحة التى بيدى قائلا: هذا هو الطريق.. فيقولون: ماذا؟
أقول طريق الخروج فى هذه المسبحة «أى بذكر الله»؟..

فيقولون: كيف؟
< أقول:="" ألم="" تقرأوا="" قوله="" تعالى="" «فَلَوْلَا="" أَنَّهُ="" كَانَ="" مِنْ="" الْمُسَبِّحِينَ*="" لَلَبِثَ="" فِى="" بَطْنِهِ="" إِلَى="" يَوْمِ="">

فلولا دعاء سيدنا يونس «ذى النون» وهو فى بطن الحوت - وهو سجن داخل سجن فى داخل سجن - لمكث فى بطن الحوت إلى يوم القيامة.. فقد ظل نبى الله يكرر «لا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ».. فنسب الظلم والتقصير إلى نفسه وأثنى على ربه أعظم الثناء فجاء الفرج.

والآن أنا حزين على آلاف المعتقلين الإسلاميين فى السجون المصرية ومشفق عليهم وعلى أسرهم وخاصة زوجاتهم وأمهاتهم الذى سيتحملون الجزء الأكبر من المعاناة.

إن طريق الفرج لن يكون إلا بكثرة ذكر الله بالنسبة للسجين أو المعتقل ذاته..

وقد تعلمت ذلك من أحد قادة الإخوان اسمه م/محمد السروى رحمه الله.. وقد سجن قبل ذلك وعذب بشدة فى الستينيات فلما سمع عن شدة العذاب لإخوة الجماعة الإسلامية فى الثمانينيات أقسم على الله ألا يعذب هذه المرة..

وظل يدعو الله ليل نهار بذلك.. فإذا فتحت علينا الزنازين جلس فى العنبر قائلا: من يريد الخروج يأتى إلى هذه الحلقة.. فكنت أجلس معه ومعنا آخرين ولم أكن أعلم بقسمه على ربه.. فكنا نظل نذكر الله طويلا.. فأحببت الذكر حبا ً جما ً.. واعتقدت فعلا ً أنه منشور الولاية من الله سبحانه وتعالى كما قال ابن القيم «أى خطاب التعيين من الله لعبده بالولاية والصلاح».. وفيه تطمئن القلوب حقا ًولا تجزع «أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ».

فما من موقف جزع ذكرت الله فيه صادقا ً ومخلصا ً إلا وذهب حزنى وهمى وجزعى.

وفى يوم من الأيام نودى على م/محمد السروي.. إفراج من باب السجن وهذا كان نادرا وقتها.. فبر الله بقسمه.

يا أحبتى فى السجون اذكروا الله لعل الله ينجيكم كما أنجى يونس من بطن الحوت.. وكما أنجى يوسف من غيابة الجب.. وكما أنجى إبراهيم من النار..

وكما أنجى كليمه موسى من عدوه.. «وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة