أكرم القصاص

قانون التوك توك فى دستور المستقبل

الأربعاء، 18 سبتمبر 2013 07:37 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طبعا مهم جدا أن ينشغل الناس بالدستور والقضايا الكبرى، لكن هذا لا يمنع من انشغال المواطنين بتفاصيل كثيرة ربما لا ترد فى الدستور لكنها ترتبط به، ومن دونها لا يصبح للدساتير معنى. ولا يحمل المواطن الدستور معه وهو ذاهب للمستشفى، ولا وهو مزنوق فى زحام الطرق، ولا وهو يبحث لأبنائه عن مكان فى مدرسة.

وعليه فإن الجدل الدائر من عامين ونصف حول الهوية ومواد الهوية، أو المواطنة، والعدالة، تظل مناقشات نظرية، يتابعها المواطن العادى أمام الشاشات والميكروفونات، وهو يتساءل عما يمكن أن يفيده منها أو يعود عليه وعلى أبنائه.

مثلا لدينا ترسانة من القوانين التى تنظم المرور، والتراخيص، وتمنع الركنات فى الممنوع، والسير عكس الاتجاه، لكن كل هذه القوانين عاجزة عن تنظيم سير وترخيص وتشغيل التوك توك، ولم يحدث أن قرأنا عن اجتماع لقيادات النقل والمرور، لحسم طريقة عمل التوك توك. الذى يمثل مشكلة منذ عشر سنوات بلا حل. فقد تم فتح باب استيراده، ومنع ترخيصه، ثم فتحوا الترخيص جزئيا، وتسييره فى الشوارع الفرعية ومنعه من الشوارع الرئيسية، والخلاصة أنه تحول إلى أزمة مرورية وإنسانية، فإذا طالب البعض بمنعه يتهم بأنه يقطع أرزاق ناس. وإذا سمح به، يتحول إلى أزمة تعطل الطرق السريعة وتتسبب فى حوادث، خاصة أنه يسير بدون ترخيص ويقود بعضه أطفال.

والنتيجة أنه تم تركه بدون قانون، وفرض التوك توك قانونه، يسير عكس الاتجاه، ويعطل الطرقات، ويركن فى أى مكان. وليس التوك توك فقط الذى يرفض القانون، بل الميكروباص، والملاكى والأتوبيسات، لا أحد يلتزم بالقوانين الموجودة.

النتيجة أن الكل يشكو، ولا أحد يناقش أو يهتم. لدينا قوانين لا تطبق، ومثلما يفرض التوك توك قوانينه التى هى بلا قانون، يسير الأمر فى كل شىء بالبركة، لدينا قوانين تفرض على المستشفيات تقديم العلاج للمريض، والمصاب، وكانت الدساتير السابقة تنص على حق العلاج، لكن الواقع أن هذه المواد غير مطبقة، والواقع أقوى منها. المستشفيات العامة بلا إمكانات. والخاصة للقادرين، وكل وزراء الصحة يعلنون أن العلاج حق وأنهم سيبذلون كل الجهد من أجل تطويرها، ولن تجد من ينكر حق المواطن فى العلاج، لكن لن يجد من يبحث عن العلاج علاجا.

الدساتير تنص على العدالة فى التعليم والإسكان، لكن الواقع يفرض قانونه، ولو حمل المواطن هذه الدساتير والقوانين، ربما يعتبرونه فى فيلم كوميدى. فالتعليم حق وواجب، لكن المدارس الحكومية توفر بالكاد مكانا للتلميذ وترتاح لو تسرب أو هرب، مع ملاحظة أن هناك قوانين تعاقب من «يطفش» تلميذا. ناهيك عن الدروس الخصوصية وكافة أزمات التعليم المزمنة.
وإذا انتقلنا إلى الفساد، لن نجد مواطنا ولا مسؤولا لايشكو من الفساد ويرفضه ويدينه، لدرجة تجعل الواحد يتساءل: من الفاسد إذن. مع ملاحظة أن هناك عشرات الأجهزة الرقابية التى تتابع وتضبط كما هو الحال فى جرائم الاعتداء على الأراضى الزراعية وأراضى الدولة.
هو نفسه قانون التوك توك الذى يحكم كل شىء، وبمناسبة جدل الدستور والهوية والمواطنة والعدالة، كيف يمكن لمن يضع الدستور أن يفكر فى وضع قانون للتوك توك.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة