بدأت بالأمس فى الكتابة عن كيف نفهم العلاقة بين جماعة الإخوان وبريطانيا من خلال الكتاب المهم «التاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع الأصوليين»، وأستكمل.
يأتى الكتاب بما ذكره تونى بلير، رئيس الوزراء الأسبق، فى أغسطس عام 2006 فى خطاب رئيسى بشأن الشرق الأوسط أمام مجلس الشؤون العالمية فى لوس أنجلوس، ويتوقف عند قوله: «إن بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية يتعين عليهما أن يشرعا فى تمكين الإسلام المعتدل من أسباب القوة»، ويرى المؤلف أن بلير كان يريد من قوله هذا التأكيد على قول آخر هو: «أن بقاء الهيمنة الغربية فى العالم يعتمد على انتصار الإسلام المعتدل الذى يعد حليفا للغرب فى وجه صعود الصين وغيرها من البلدان الناهضة».
ويتحدث الكتاب عن أن المرحلة الجديدة لبريطانيا التى تقضى بتمكين الإسلام المعتدل، تظهر فى سلسلة من الوثائق البريطانية الحكومية من 2004 إلى 2006، وتسربت إلى صحيفة «نيو ستا تسمان» فى مطلع 2006، وترتبط جميعها بموضوع مشترك: «أنه توجد فى العالم الإسلامى عادة قوى معارضة قوية يتعين على بريطانيا أن تعمل معها، خاصة الإخوان»، وأوضحت إحدى الوثائق التى تسربت، وهى مذكرة مشتركة بين وزارتى الداخلية والخارجية بتاريخ يوليو 2004 تدور حول موضوع «العمل مع الجالية الإسلامية فى بريطانيا»، أن الحركة الإصلاحية يمكن إرجاعها إلى «الإخوان المسلمين» فى مصر و«الجماعة الإسلامية» فى باكستان.
يذكر الكتاب وقائع عديدة عن الاتصالات السرية بين الحكومة البريطانية بأجهزة مخابراتها وسفارتها فى مصر، وبين جماعة الإخوان، منذ عام 2001، ويقول المؤلف: «ما تفعله بريطانيا مع الإخوان كان لتأمين نفسها لمرحلة قد يتغير فيها نظام مبارك»، ومع الأخذ فى الاعتبار أن الكتاب تم تأليفه قبل ثورة 25 يناير، فإنه يضيف: «مستقبل مصر محفوف بالشكوك بعد وفاة مبارك أو سقوطه، وإذا ما كانت ستنشب ثورة أم لا، فالإخوان يستطيعون القيام بدور فى الحكم والانتقال، وفى ضوء التحديات التى تواجهها بريطانيا ومصالحها فى الشرق الأوسط، فإن قيام نظام فى القاهرة خارج عن مجال نفوذ بريطانيا سيمثل بوضوح كارثة لها».
يأتى الكتاب بمذكرة للسفير البريطانى فى القاهرة بلمبلى رفعها إلى حكومته فى يونيو 2005، يقول فيها: «إن الحديث للمتأسلمين قد يكون مفيدا، حيث إننا قد نحصل على معلومات، وتلك سياسة تتسق مع الاستراتيجية البريطانية التى تقضى بتجنيد المتطرفين ليعملوا مرشدين».
ويذكر الكتاب أن بريطانيا واصلت ما بدأته فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى بتعاملها مع الإخوان على أنها مصد للقوى القومية المعارضة فى مصر والمنطقة، مثل حركة كفاية التى ظهرت عام 2004 لتحدى نظام مبارك، وهو ما يؤكد أن بريطانيا تتعامل مع المتأسلمين على حساب دعم المجموعات الأكثر ليبرالية، ويضرب مثلا على ذلك بأنه وحتى عام 2010 لم يرد ذكر لحركة «كفاية»، فى البرلمان البريطانى، أو على موقع وزارة الخارجية البريطانية فى الشبكة العنكبوتية، وذلك دليل على مدى بعد هذه الحركة عن شاشات رادار السياسة البريطانية التى ترى أن الإخوان سدا منيعا أمام أى تغيير وطنى أكثر شعبية فى مصر والمنطقة.
يحتوى الكتاب على معلومات وتحليلات أخرى، تعد بمثابة المفتاح لفهم وتحليل مواقف أمريكا وبريطانيا الغاضبة بعد ثورة 30 يونيو، والتى أدت إلى إزاحة حكم مرسى والجماعة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة