هل سقط «الفيس بوك»؟ هل فقد قدرته على التأثير فى الناس بعد الثورة؟ هل قوة الإسلاميين فى الشارع وهم؟ وهل قدرتهم على التأثير فى الناس محل شك وإعادة نظر؟ وهل وصلت مرحلة الخصام بين النخبة والشارع إلى هذه الدرجة؟ والأهم من كل ذلك: هل فشلت الثورة فى إحداث أى تغيير بعقل وقلب المواطن المصرى على المدى القريب؟ وهل يعنى ذلك أنها قد تفشل فى إحداث التغيير على المدى البعيد؟!!
عد إلى الأسئلة السابقة وحاول أن تجتهد فى التركيز مع تفاصيلها، ولكن بعد أن أخبرك أن كل أفلام السبكى وكل مسلسلات الرقص وكل الأغانى الهابطة بداية بـ«شارع الهرم» من إنتاج السبكى، وحتى قلب الأسد، وتسلم الأيادى، هى الأعلى إيرادات، والأكثر شهرة فى شباك تذاكر الجمهور..
رغم كل المضامين الفارغة لهذه الأعمال وما تتضمنه من مشاهد راقصة، وفواصل من العرى المبتذل والشتائم التى لا تعرف سقفًا ولا حجاب، ورغم كل الدعوات والجروبات والصفحات التى طالبت بمقاطعة هذه الأعمال، والتى انقسمت على نفسها حسب الغرض من الدعوة إلى المقاطعة، حيث دعا البعض إلى المقاطعة من منظور أخلاقى إسلامى حفاظًا على القيم، بينما دعا آخرون إلى المقاطعة من منظور سياسى، بمعنى أنه من العيب على المصريين الذين أشعلوا تلك الثورة العظيمة أن يشاهدوا هذه الأفلام التافهة، بجانب إيصال رسالة إلى صناع السينما والعالم أن الثورة المصرية نجحت فى تغيير الذوق المصرى، والمواطن بعد الثورة لا يمكن إلهاؤه برقصة «أبيحة»، أو أغنية قائمة على هز الوسط.
دعوات المقاطعة كانت فى كل مكان على صفحات «فيس بوك» واستخدموا فيها كل الأسلحة الدينية والسياسية، ومع ذلك نجحت هذه الأعمال وحققت من الإيرادات خلال المواسم الصيفية والعيد ما فشلت أعمال فنية أخرى كبيرة فى تحقيقه خلال المواسم الماضية، سقطت نظرية قدرة «فيس بوك» على التأثير والحراك المجتمعى أمام رقصة دينا الساخنة، وانهارت قوة الحديث بالدين والأخلاق أمام إغراءات تحبيشة السبكى الجنسية، وفشلت إغراءات الكلام باسم أخلاق الثورة فى الصمود أمام إغراءات كلمات أغانى سعد الصغير ورقصات محمد رمضان، وسلق «البيض» الذى يقدمه مصطفى كامل تحت شعار الأغانى الوطنية.
قد يعنى لك السابق من الكلام أن السبكى أكثر وعيًا من النخبة المثقفة، وأكثر قدرة على فهم الشارع والوصول إليه منهم، وقد يعنى الوضع القائم أن وجود محمد رمضان أو دينا أو سعد الصغير على أفيش فيلم أكثر جذبًا من كل المفكرين، والشيوخ، والعلماء الذين يملأون مساجد وجامعات وفضائيات مصر، وربما يكون بعض هذا الكلام صحيحًا، ولكنه بالتأكيد لا يعبر عن الحقيقة الكاملة، لا يعبر عن الحقيقة التى تقول بأن خدعة ما تعرض لها قطاع كبير من المواطنين على يد بعض الأفاقين والتافهين من شباب الائتلافات الثورية وقادة الأحزاب الوهمية الذين تخيلوا أن أقصر طريق لإقناع الناس بالثورة وأهدافها هو خداعهم وإغواؤهم بأن مصر كلها ستتغير فى يوم وليلة بعد سقوط الرئيس فلان الفلانى، ورحيل الشلة الفلانية، وسيصبح السبكى وإخوانه من المنتجين مثل منتجى هوليوود، وسيختفى سعد الصغير، وتعود أم كلثوم، وسيتلاشى مصطفى كامل وأمثاله ليعود عبدالوهاب، وهو نفس الوهم الذى صدرته بعض التيارات الإسلامية حينما خيلت للناس أن نزولها إلى الشارع وحشدها الملايين فى ميدان التحرير سيكفى لعودة الأخلاق للمشى فى الشوارع، وزيادة فائض مصر من العفة والطهارة.
إيرادات أفلام «شارع الهرم»، أو قلب الأسد، أو شعبية «تسلم الأيادى»، لا تعنى بالنسبة لى أى شىء ولا مدلول لها سوى أن هناك خصامًا واضحًا، وعدم فهم أوضح من جانب النخبة المصرية للشارع المصرى، فالناس لن تتغير فى يوم وليلة، والثورة- أى ثورة - ليست عصا موسى السحرية التى نضرب بها فتتحول كل الأفاعى إلى حمائم بيضاء، كما أنها ليست برسيل أو إريال أو غسالة «فول أوتوماتيك» قادرة على تنقية ثيابنا من دنسها، وفسادها من أول غسلة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة