عندما يجتمع التعصب مع العنف، يغيب العقل، ويصبح العنف واردا فى كل لحظة. نتحدث عن الألتراس وما جرى فى اقتحام نادى الزمالك وما حدث من ترويع وعنف.
طوال الوقت كانت جماهير النوادى أهلى وزمالك وغيرهما تغضب من تراجع ناديها، وتعترض وتتظاهر. لكن السنوات الأخيرة، ظهر الألتراس وتكررت مشاهد الصدام. وتجاوز العنف، التعبير عن الغضب إلى الحرق والاقتحام والضرب والتكسير. حدث مع اتحاد الكرة عندما تمت مهاجمة الاتحاد وتحطيمه وحرقه وسرقة الكؤوس والجوائز، ومع الأهلى. وأخيرا مع الوايت نايتس الذين هاجموا واقتحموا نادى الزمالك اعتراضا على ما اعتبروه هزيمة مهينة للزمالك من الأهلى، ويطالبون برحيل ممدوح عباس رئيس النادى، لكن التظاهر تحول إلى اقتحام وحرق وتخريب وترويع للعائلات داخل النادى والعاملين فيه.
ولا مانع من التعبير عن الغضب وانفعالات الروابط، لكن الأمر تحول إلى نوع من الإرهاب ويتجه للفوضى، وليس فى كل مرة تسلم الجرة، ومن الوارد أن تتطور الأمور لحرائق وكوارث، وليست مذبحة بورسعيد ببعيد.
ممكن جدا أن يغضبوا، ومن عاصروا الماتشات وأهلى وزمالك يعرفون حجم الغضب والصياح، لكن الأمر لم يصل إلى حد الحرق والضرب والقتل والتكسير. وقد ظهر العنف داخل الألتراس منذ عام 2010 وتمثل فى هجمات من ألتراس وايت نايتس على النادى الأهلى. ثم شارك بعض الألتراس فى مظاهرات يناير وما بعدها، لكن الأمر تداخل وتحول أحيانا إلى لعبة وما بدا أنه استغلال سياسى لظاهرة رياضية.
ومن الواضح أن السياسة أثرت على الألتراس، كما أن الألتراس أيضا أثر على السياسة، والكرة غير السياسة. الكرة حدية والسياسة نسبية، الكرة أبيض وأسود، والسياسة رمادية. لكن ما نراه أن السياسة أصبحت تجرى بطريقة تشجيع الكرة، ومن دون قدرة على التحاور أو التفاوض، بينما انتقلت عدوى السياسة إلى الكرة، التى غادرت الأخلاق الرياضية، إلى العداء والكراهية والعنف، فى وقت لا يتحمل مزيدا من التوترات والضغوط، ويبدو أن بعض مجموعات الوايت نايتس تتصور أن كثرة العدد تجعلها فوق القانون، أو أنهم بعيدا عن الحساب، ويستندون فى ذلك إلى سوابق الاعتداء على اتحاد الكرة وحرقه ونهبه من دون عقاب، بينما هناك وقائع متشابهة فى بريطانيا وأوروبا لا يتم التسامح معها ويواجهها الأمن بكل عنف.
لقد حظيت روابط الألتراس باهتمام كبير خلال العامين الماضيين، وتخصص البعض فى شرح ظروف تكوينها، ودورها السياسى، من دون تركيز لوجود خطر التداخل والخلط بين عالمين مختلفين، وخطورة الاستقطاب والتوظيف السياسى، لتجمعات، لا تحمل تجانس فى مستويات الثقافة أو الاتجاه السياسى، بين يسار ويمين.
ولكل منهم ميوله السياسية أو العاطفية، ثم إن التعصب فى الكرة يسهل أحيانا فكرة التجنيد السياسى، ولهذا فإن الأمر فى حاجة لانتباه، قبل أن تفقد هذه الراوبط قيمتها، وهدفها وتنحرف نحو المزيد من الفوضى.
ومثلما يتسبب خلط السياسة بالدين فى مشكلات، فإن انتقال أمراض السياسة إلى الكرة مع ما بها من تعصب، يحولها إلى جزء من مشهد الفوضى، فى وقت لا يحتمل الوضع مزيدا من الفوضى.