يحتفل التيار الشعبى بمرور عام على تأسيسه، وهو عام صعب بكل المقاييس، واجه فيه التيار مع جبهة الإنقاذ حكم الإخوان، وكان شريكا فى إسقاطه، وقائدا لكثير من الفعاليات التى أسهمت فى فضح سياسات الإخوان، وحشد الجماهير ضده، لذلك التهنئة واجبة لكل المنتمين للتيار على ما قدموه من تضحيات، لكنها مناسبة لمناقشة مستقبل التيار والتحديات التى تواجهه.
التحدى الأول: هو كيفية الإبقاء على التيار كصيغة جبهوية عريضة بين أحزاب وجماعات ونقابات وشخصيات بينها اختلافات فكرية وسياسية، وفى الوقت نفسه تسعى لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير وموجتها الثانية فى 30 يونيو، هذه القوى المتنوعة والمختلفة يجمعها إيمان عميق بأن ثورة يناير لم تحقق أهدافها، وأن نظام مبارك الذى أبقى عليه المجلس العسكرى ثم الإخوان لابد من القضاء عليه، وتأسيس نظام جديد يقوم على الحرية والعدالة الاجتماعية، وبالتالى لا بديل عن استمرار التيار الشعبى مع تحوله من موقع المعارضة، والسعى لإسقاط حكم الإخوان، إلى وضعية الشريك فى خريطة الطريق التى أعلنها السيسى، وما يفرضه هذا الوضع الجديد من العمل فى الشارع والاستعداد لخوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
إن الوضع الجديد أصعب من مجرد لعب دور المعارض الذى يطالب بإسقاط النظام، فالتيار مطلوب منه طرح أفكار وسياسات للتغيير وبناء مصر الجديدة وحماية الثورة من عودة الفلول، ومطلوب منه أيضا عدم التفريط فى منهجه النقدى المنحاز لفقراء الوطن ولقيم الحرية والحداثة، ومن ثم تقديم دعم مشروط لحكومة الببلاوى وخريطة الطريق بمقدار قدرتها على تحقيق أهداف الثورة.
باختصار التيار مطلوب منه اتخاذ مواقف مركبة من خريطة الطريق وحكومة الببلاوى لا تقوم على التأييد المطلق أو التفويض غير المشروط، وإنما تقوم على المشاركة الواعية، أى مشاركة الأنداد لا التابعين، وفى الوقت نفسه تقديم النصح والنقد تجاه أى أخطاء أو تجاوزات غير مقصودة.
التحدى الثانى: عدم الانسياق وراء إغراء تحويل التيار إلى حزب سياسى، فالحزب يفرق ولا يجمع، ومصر بها فائض من الأحزاب التى لا يعرفها أحد، وكل نجاحات الحركة الوطنية تاريخيا جاءت نتيجة تحالفات شعبية عريضة، وبالتالى لا داعى للجرى وراء أوهام الحزب المنظم صاحب الأيديولوجية أو البرنامج المحدد، لأن العصر الذى نعيشه هو عصر الشبكات الاجتماعية والمواطن الشبكى العولمى، عصر المواطنين الأنداد الذى لا توجد فيه سلطة للرئيس أو الزعيم الملهم، لذلك فإن الصيغ التنظيمية المفتوحة والمرنة هى الأكثر قدرة على الاستجابة لمتطلبات العصر وحرية المواطن الفردى على شبكة الإنترنت. ولذلك أعتقد أن البناء التنظيمى والمؤسسى للتيار الشعبى يتطلب اتفاق كل القوى والأحزاب التى تعمل فى إطاره على كتابة برنامج حد أدنى للتغيير المجتمعى الشامل، يحدد أسس النظام السياسى ومكوناته، وإجراءات تحقيق العدالة الاجتماعية، والعدالة الاجتماعية، وكيفية إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، وفى مقدمتها الشرطة، وضمان حقوق الإنسان، والأهم تحديد الرؤية الاقتصادية للمرحلة القادمة والتى يمكن من خلالها تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.
إن البرنامج الشامل لتحقيق أهداف الثورة هو الوسيلة الوحيدة لضبط حركة التيار الشعبى وضمان وحدته، وفى الوقت نفسه احترام الاختلافات السياسية والتنظيمية بين مكوناته المختلفة، ولعل دروس النجاح فى كثير من الحركات الاجتماعية والسياسية المعاصرة فى أمريكا اللاتينية تؤكد أهمية الاتفاق على هذا البرنامج، والعمل المشترك على أساسه من أجل تحقيق أهداف الثورة المصرية بمراحلها المختلفة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة