أنت بالتأكيد تكره هذا الشعور الذى يتملكك، حينما تكون قادما من مكان ما بسيارتك أو مستقلا وسيلة مواصلات، وتقف أكثر من ساعة فى زحام لا معنى له، والسيارة تتحرك بسرعة 5 كيلو فى الساعة، والملل والإحباط يقتلانك، وينفد صبرك دون جدوى، وتتخشب قدماك من القيادة أو البقاء والوقوف بين الأجساد المتزاحمة فى طرقة الأوتوبيس، ثم تكتشف أن الازدحام وبطء حركة السيارات سببه أن صاحب مقهى لا ضمير له ولا يعرف حتى معنى كلمة ضمير، وضع صفين من المقاعد والترابيزات بجوار الرصيف، وجلس على هذه الترابيزات مواطنون أيضا ضاع ضميرهم فى ظروف نعرفها جميعا، وبالتالى أصبح الطريق الذى يفترض أنه يسمح بعبور 4 سيارات، لا يسع سوى اثنتين فقط وربما واحدة.
أفلح محافظ القاهرة إن صدق فى تطبيق تهديده بغلق أى مقهى يضع صاحبه مقاعده فى الشارع، بعض المواطنين قد يستغربون من هذا التصريح لأن كثرة مشاهدتهم لهذه الظاهرة وتعودهم عليها، يجعلها أمرا مألوفا وقاعدة لا استثناء، وربما يتطرف بعضهم فى حق صاحب المقهى، طالما يدفع «أرضية» للحى أو للمحافظة، «هؤلاء قد لا يعرفون أن القانون يمنع أى مسؤول من الحصول على مقابل لاستخدام المنافع العامة»، وفى كثير من الأحيان يدفع أصحاب المقاهى هذا المقابل ليس للدولة، ولكن لمسؤول فاسد يحمى مواطنا بلا حياء.. بعض الناس قد يسخر من القرار، لأن كل مسؤول جديد يأتى متعاطيا حبوب الشجاعة، فيقول تصريحات مماثلة حتى يصطدم بواقع أكبر منه، ومنظومة من الفساد، لا يجد أمامها سبيلا إلا المشاركة فيها أو التغاضى عنها.
لن ينجح أى نظام سياسى يحكم مصر، إلا لو انعكس نجاحه على هذه التفاصيل الصغيرة فى حياة الناس اليومية، لا تعتقد إذا كنت تسلك طرقا نظيفة، أنك ستسلم للأبد من هذه المعاناة، فالفوضى معدية، والفساد ينتقل أسرع مما مضى، ولا تحسب أن الناس فى هذا البلد يعبأون بصراع الأطراف السياسية، بقدر ما يشغلهم كل تطبيق جاد لقرار يزيح قليلا من همومهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة