الأستاذ طبعا هو محمد حسنين هيكل، هو بالنسبة لى يوم الجمعة الذى نادانى فيه جدى فى العائلة الحاج صادق عبدالوهاب لأقرأ له مقال «بصراحة»، كنت طفلاً فى الثانية عشرة من عمرى، وكانت مصر تعيش أجواء الاستعداد لحرب أكتوبر واستعان «الجد» بى لضعف بصره ولأنى تلميذ شاطر يجيد القراءة، وبقيت على هذه العادة لفترة طويلة، عرفت فيها أسماء مثل كيسنجر وزير خارجية أمريكا، وبريجنيف سكرتير الحزب الشيوعى السوفيتى، وماو رئيس الصين، وشوين لاى رئيس وزرائها، وأنديرا غاندى رئيسة وزراء الهند، وتيتو رئيس يوغسلافيا، وغيرهم.
الأستاذ بالنسبة لى يوم الجمعة وراديو ضخم ماركة «فيليبس» يضبط والدى رحمه الله مؤشره على موجة البرنامج العام ليستمع منه لمقال «بصراحة»، كانت إذاعته فرصة لمن لا يستطيع شراء جرنال «الأهرام» بتلاتة تعريفة، وفى المساء تكتمل السهرة بحضور خالى الكبير رحمه الله وآخرين وتكون «بصراحة» محور المناقشات.
الأستاذ بالنسبة لى فى لمة عصارى يوم الجمعة عند الأسطى حلمى عبدالله «الترزى» المواجه لدارنا فى قرية كوم الأطرون طوخ قليوبية ومجىء عم «قطب أبوحج على» رحمه الله بجرنال الأهرام ملفوفا بيديه لتتحول «اللمة» إلى منتدى حول «بصراحة» هيكل، أذكر شباباً فى الجلسة صاروا شيوخاً الآن مثل أعمامى رضا عبدالرحمن وجاد طايل والراحل فاروق الصادق.
كنت صغير السن أحاول جاهداً أن أفهم معنى ما يستخلصونه من مقال «الأستاذ» عن الحرب والسلم والعرب وإسرائيل وأمريكا والاتحاد السوفيتى وجمال عبدالناصر والسادات، والمثير أن بعض هؤلاء فلاحون بجلباب وطاقية، يمسكون الفأس نهارا، ويتحدثون فى شؤون الوطن فى «طراوة» العصارى، ثم فى أمسياتهم الليلية، كان بعضهم يجيد القراءة، وبعضهم بيفك الخط، وآخرون لا يعرفونها، ومع ذلك كان هيكل يسكن عقول وقلوب كل هؤلاء.
الأستاذ بالنسبة لى بعد أن خرج من رئاسة الأهرام، وخرجت معه «بصراحة» ففقدت تلك المنتديات الرائعة، وكبرت يوما بعد يوم، لكن رصيدها الآتى من «بصراحة» ظل هو من خيرات زاد المعرفة التى شكلت عقلى مبكراً.
الأستاذ بالنسبة لى هو تلك السنوات التى غاب قلمه فيها عن الصحافة المصرية، حتى دخلت الجامعة أوائل الثمانينيات من القرن الماضى، وكان هو شاغلى، أسأل عن كتبه لدى «الكابتن» بائع الكتب فى مدخل المدينة الجامعية لجامعة القاهرة، وبعد أن تعرفت على أصدقاء «قدامى» فى الجامعة مثل، جمال فهمى وحسين عبدالغنى ومحمد حماد وفؤاد السعيد ومحمد بسيونى وصلاح السروى وسعيد يوسف وممدوح كامل وغيرهم، كان إمدادى منهم بكتاب لهيكل بمثابة عربون محبة.
الأستاذ بالنسبة لى هو طوال فترة امتحانى للسنة الثالثة بالجامعة، وكانت الحملة ضده على أشدها بسبب كتابه «خريف الغضب»، فأجرت معه جريدة الأهالى بقيادة الأستاذين حسين عبدالرازق وصلاح عيسى حوارا على حلقات كل أربعاء، فكنت أشترى الجريدة لأقرأ الحوار قبل دخول الامتحان بدلاً من مراجعة دروسى، وبتأثيرها استعنت بجملة منه فى إجاباتى لمادة «النقد الأدبى» وحصلت فيها على «ممتاز»، كل سنة وأنت طيب يا أستاذ.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة