على مدى السنوات الماضية ناضلت فئات عمالية وحقوقية كثيرة لانتزاع حد أدنى للأجور للعمال البسطاء والموظفين فى القطاع الحكومى الذين دهستهم قطارات الخصخصة والرسوب الاجتماعى والتضخم وابتعاد السياسات الحكومية، وزارة بعد أخرى عن الانحياز للكتلة الأكبر من المصريين.
وعندما تحقق الحلم وانتزع أصحاب الحق حكماً قضائياً تاريخياً بألا يقل الحد الأدنى للأجور عن 1200 جنيه، كان عليهم، أى أصحاب الحق، أن يناضلوا شوطاً إضافياً ليتحول الحكم القضائى إلى سياسات عملية للحكومة، واستغرق هذا النضال بدوره سنوات إلى أن جاءت حكومة الببلاوى وهى حكومة ثورة 30 يونيو لتكون أول حكومة تعلن انصياعها لحكم القضاء وتنفيذ الحد الأدنى للأجور المقرر بـ1200 جنيه.
الغريب أن إعلان حكومة الببلاوى عن إقرار الحد الأدنى للأجور من يناير المقبل لم يقابل بما يليق به من ترحيب، وإنما انفتحت عليها أبواب الانتقاد والغضب من كل ناحية، بعضها رسمى. فى الوزارة نفسها يتعجب من القرار ويصفه بالسياسى وأنه لا سبيل لتحقيقه فى ضوء أوضاعنا الاقتصادية، وبعضها نقابى يرى أن الحد الأدنى المقرر بحكم قضائى تجاوزه الزمن ويجب رفعه إلى مستوى أعلى، وبعضها حقوقى يرى فى موقف الحكومة تلاعباً بمشاعر الناس.
فالمنتقدون لقرار حكومة الببلاوى الذى أراه ثورياً شعبياً بامتياز، يتجاهلون أنه يخدم نحو مليون ونصف المليون أسرة تعانى تحت خط الفقر، ويساعدها القرار على الارتفاع نسبياً بمستواها المعيشى، والذين يصفون القرار بالسياسى ويتساءلون عن الموارد التى يمكن أن توفرها الحكومة للوفاء باحتياجات القرار أشير لهم إلى المراجعة الحكومية الواسعة للمستشارين والمتعاقدين الذين يبتلعون المليارات من بند الأجور فى الموازنة العامة، والمعترضون على القرار من رجال الأعمال والقطاع الخاص، أقول لهم إن هذا القرار لابد أن يسرى على الجميع فى الحكومة والقطاع الخاص حتى نؤسس لبيئة عمل صالحة للنمو وبيئة ضريبية منضبطة. يبقى فقط أن نتمنى على الحكومة أن نطالبها ونضغط عليها لإقرار الحد الأقصى للأجور بحسم وشفافية، تسمح بسد الثغرات الهائلة فى بند الأجور بالموازنة العامة، وساعتها لن يكون لدينا عمال وموظفون يفتحون الدرج أو يتسولون أصحاب المصالح.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة