إبراهيم داود

استهداف الذكريات

الجمعة، 27 سبتمبر 2013 11:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قل ما تشاء عن الأستاذ محمد حسنين هيكل ولكن لا تنكر سعادتك برجل وصل التسعين وهو بكامل حيويته، رجل تنتظر طلته بين الحين والآخر لأنك تعتقد أن رايه فيما يجرى سيدفعك لتكوين رأى، رجل كان شريكا فى السلطة واستمد سلطته بعد ان تركها، أذكر بعد كتاباته (المتعسفة) ضد الدكتور بطرس غالى فى المأسوف على شبابها "وجهات نظر"، سألت جريدة الشرق الأوسط الأمين العام للامم المتحدة وقتها عن سر الهجوم عليه، أجاب أن مشكلة هيكل الأولى أنه وصل إلى السلطة وهو فى سن صغير، وأن مشكلته الثانية أنه تركها وهو فى سن صغير، فى الشهور الأخيرة كان وجود هيكل ضروريا، لا لأنه قريب من صناع القرار، ولكن لأن الرجل الكبير ـ الذى سبق واختلف معظمنا معه حول رؤيته لأحداث كثيرة ـ كان نافذا ومباغتا ومبدعا، ليس بسبب ما يملكه من معلومات ووثائق هذه المرة، ولكن لخوفه المحمود على الدولة المصرية التى كانت على وشك الاختطاف، وفنحيازه إلى الأشواق التى ارتجلها الشارع، كان خوف رجل فى التسعين على المستقبل أعظم إنجازات هيكل على الإطلاق، ولهذا السبب شغلنى حريق مكتبته وبيته فى برقاش وتوقيت الحريق، فبعد ساعات من فض اعتصامى رابعة والنهضة تمت العملية، وكأنه المسئول المباشر، شعرت أن المعركة الجديدة للإخوان المسلمين هى استهداف الذكريات، آلاف الكتب والمخطوطات، أكثر من خمسين لوحة حملتها جدران البيت لتشير إلى شىء غامض وعظيم فى الفن المصرى الحديث، أوراق الزعيم مصطفى كامل ورسائله إلى الخديوى عباس حلمى والخليفة العثمانى، المكان الذى تجول فيه جمال عبد الناصر وأم كلثوم وجيفارا، وحتى محمد مرسى والكتاتنى، أصبح هدفا لأعداء الدولة الوطنية المصرية، شىء مؤلم أن تستهدف وتنتزع ذكريات رجل فى التسعين، أن تستهدف أشياءه الصغيرة وأشجاره وأيامه، عندما يتحدث هيكل تشعر أنك أمام روائى عظيم ضل طريقه إلى السياسة، أنت غير مطالب بالتحقق من صحة ما يقول، أنت أمام سيل من الحكايات تشير إلى أزمنة وشخصيات تقرأ عنها فى كتب التاريخ، هو معنى بالتفاصيل الصغيرة التى تبدد وحشة الواقائع المقبضة، بداخله شاعر قديم يقيس به زمنه هو، إحساسه بالشعر خلص لغته من الزخارف، وهذه مفارقة عجيبة، قل ما تشاء عن الأستاذ هيكل.. ولكن تأكد أن وجوده بيننا ـ فى هذه اللحظة ـ كان رائعا.

* حكومة الببلاوى مشغولة بالمسكنات أكثر من معالجة مصادر الألم، ولهذا تجدها ضعيفة ومترددة، تتعامل بالقطعة وتوحى لك أنها بعيدة النظر، بلعها الناس على أمل العبور السلس من النفق المعتم، تدعى أنها مع الفقراء ومع الحرية ومع المساواة، هى مثل التلفزيون المصرى الذى أرسل قبل أيام سيارة إذاعة خارجية ـ كما نشرت المصرى اليوم أمس ـ إلى حديقة الأزهر لتغطية احتفالية يوم السلام العالمى.. ولكن بدون كاميرات ومصورين.

* الذين هللوا لتصريحات أوباما عن "عجز مرسى عن حكم مصر" لا يثقون فى أنفسهم ولا فى ثورتهم ولا فى الدرس العظيم الذى قدمته مصر للإنسانية، أوباما يعرف منذ اللحظة الأولى أن المصريين على حق، وصدمته عبقريتهم وحلولهم السحرية، تصريحاته لا إبداع فيها ولا جديد، هو فقط يريد أن يسترد شيئا.. ضاع منه فى مصر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة