أكرم القصاص

جبهات الحاجز النفسى.. وفضيلة التواضع السياسى

الجمعة، 27 سبتمبر 2013 06:18 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كما قلنا، فقد شهدت مصر العشرات من الائتلافات والتنظيمات التى رفعت بعضها رايات الثورة، لكنها اختفت دون مراجعة للتجارب، ولأنها كررت أخطاء أحزاب وتنظيمات تبدو قوية نظريًا وصوتيًا، دون أن تمتلك القدرة على عبور الحاجزين النفسى والشعبى مع الجمهور. ومن خلال تقييم التجربة الحزبية والسياسية خلال عامين ونصف العام وقبلها، نكتشف لغزًا يستعصى على الحل، أن هذه الأحزاب تمتلك صوتًا عاليًا وطرحًا نظريًا وفضائيًا و«فيسبوكيًا» و«تويتريا»، دون أن تستطيع ترجمة هذا إلى برامج أو خطط انتخابية، والنتيجة أنها تظل على هامش السياسة لا تستطيع عبور الهامش إلى المتن.
ومن الطبيعى لأى تنظيم أن يحدد لمن يتجه بخطابه، وأن يراجع تجارب مشابهة فشلت أو تعثرت، ليتعرف لماذا اختفت ائتلافات وروابط وجبهات، وماذا قدمت، وأن يفعل ذلك بلا تهويل أو تهوين، فضلا على أهمية التواضع السياسى، وتقييم الذات بلا غرور أو انفعالات، ومن دون ادعاء بالمعرفة والفهم.
وبمناسبة تدشين جبهة طريق الثورة «ثوار» نكتشف أنها تقدم برنامجًا وبيانًا يتضمن كل القضايا، دون أن يتطرق للتفاصيل والآليات، ثم إنهم لم ينتبهوا إلى قطاعات من النشطاء تحمل نوعًا من التعالى على الجمهور، وتعين نفسها وكيلاً رسميًا وحصريًا للثورة، ولم يكتشفوا حجم التحول فى الوعى السياسى الشعبى، وأنهم تصوروا أنهم من حشد لمظاهرات يناير، مع أنهم فشلوا دائمًا فى الحشد لأى فعاليات تالية، بل إن بعضهم عارض 30 يونيو، ولم يلتفت لحجم الجماهير التى خرجت، وكشفت حتى عن خطأ بديهى أن الإسلاميين هم من يحشدون.. ويومها حاولوا تفسير هذه الحشود تفسيرات تقلل من زخمها، وتبرر من دون تأمل لتحول الوعى الشعبى.. واليوم يتحدث البعض عن اختطاف الثورة، ولا يحدد من اختطفها، ولا كيف يمكن استعادتها، وينطلقون من محفوظات لم تخضع للتجريب، فضلاً على عجزهم عن الانتقال من الصوت إلى الفعل، ولم يقدم أى منهم تحليلاً يمكن الاستناد إليه للعجز عن خوض الانتخابات، أو العمل فى الشارع لنشر الوعى السياسى، وتشكيل تنظيمات تكون قادرة على المنافسة والبقاء.
وكثيرًا ما تبدو هذه التنظيمات متعالية على المنافسة، وغير قادرة على ابتكار أساليب تتجاوز التظاهر والهتاف إلى الفعل العملى.
ولسنا هنا فى مجال إدانة لهذه التنظيمات، لكن فى مجال رصد الكيفية التى يمكن أن تنقل من الفعل الصوتى والخطاب المعقد، إلى الفعل السياسى الذى لا يتجاهل الثورة، ويتجاوز حالة الاحتكار للثورة، والحديث باسم جمهور تتعالى عليه.
وبالرغم من أن هذه الجبهات تعلن أنها تقدم تجارب جديدة، فإنها تكرر نفس أخطاء التنظيمات القديمة والأحزاب التى تتحدث كثيرًا باسم الشعب، ولا تقدر على مواجهته، أو تقديم خطاب يقاربه، بل كثيرًا ما تتبنى خطابًا متعاليًا دون أن تقنع الشعب بصحة خطابها، وتصر على تقديم الخطاب الجاف، والبرامج الشمولية التى تزعم علاج كل القضايا، بينما هى تعجز عن الالتحام بالشعب الذى تتحدث عنه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة