كنت أتمنى على الدكتور محمد المنصف المرزوقى الرئيس التونسى المؤقت أن ينشغل بالأوضاع الداخلية المأزومة فى تونس وحالة الاحتقان والاستقطاب السياسى الحاد والتى دعت قوى وحركات سياسية شبابية إلى «التمرد» على النظام وجمع توقيعات على غرار حملة «تمرد» المصرية لإقالة حزب النهضة الإخوانية والرئيس التونسى نفسه والجمعية التأسيسية. الرئيس التونسى لم يجد حلاً وخروجاً من الأزمة التونسية خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سوى التدخل فى الشأن المصرى الداخلى وتصدير مشاكله وهموم الوضع التونسى وإحباط الشعب من الإخوان وتيار الإسلام السياسى فى تونس إلى الخارج والمطالبة بالإفراج عن قيادات الإخوان فى مصر واعتبارهم «مساجين سياسيين».
لا يمكن تسمية أو تفسير ما جاء فى كلمة الرئيس التونسى المؤقت إلا بأنه تدخل واضح فى شؤون دولة أخرى مازالت تقدر ما حدث فى تونس من ثورة على الاستبداد السياسى وتتمنى للدولة الشقيقة أن تمضى فى طريق تحقيق أهداف ومطالب وطموحات الشعب التونسى الشقيق فى تأسيس دولته الديمقراطية العصرية بعيداً عن الفاشية الدينية وسيطرة تيار الإخوان وتنظيمه الدولى.
ما نستغربه فعلاً ما جاء فى كلمة المرزوقى دفاعا عن «الإخوان»، وهو المفكر اليسارى الذى يعرف جيداً تاريخ هذا التيار الدموى المعادى لحرية الرأى والفكر وحقوق الإنسان، الذى تلوثت يده بدماء العرب والمصريين فى مراحل تاريخية مختلفة، وأظهر فشله وعجزه فى حكم مصر وأحدث انقساماً وانشقاقاً حاداً داخل المجتمع المصرى والعربى بشكل عام ولم يكن سيطرته واستحواذه ووصوله إلى الحكم لوجه الله والوطن بل من أجل التنظيم والأهل والعشيرة، وهو ما يعانى منه الشعب التونسى الآن وأعلن تمرده عليه. الرئيس المنصف المرزوقى عانى من ويلات زين العابدين بن على وغير معروف عنه طوال تاريخه، التحول السياسى والانقلاب الفكرى أو أنه كان «خلية إخوانية نائمة» أو أنه أحد يتامى الإخوان فى تونس المتباكين على سقوط إخوانهم فى مصر، إلا إذا كان التدخل فى شؤون مصر محاولة لإنقاذ نظام الإخوان فى تونس قبل دعوة حركة «تمرد» التونسية إلى نزول الشعب لإسقاط هذا النظام، فالثورة المصرية فى 30 يونيو تظل دائما فى خلفية المشهد السياسى فى تونس وباقى العواصم العربية. وعلى الرئيس المنصف أن يعود إلى التاريخ ويفيق من صدمة زوال الإخوان ويقرأ جيداً وبإنصاف ما حدث فى 30 يونيو من ثورة على الإخوان بإرادة شعبية انحازت إليها مؤسسات الدولة الوطنية.