لا تحاول أن تستخدم أساليب الواسطة الرخيصة بعد الثورة. فلا كارت عمك المسؤول، ولا مكالمة من خالك الباشا، ولا حتى جواب من أبوك قد يؤدى لأى نتيجة.
أحد أصدقائى تقدم للحصول على وظيفة فى أحد مؤسسات الدولة ومعه كارت من عمه المسؤول الكبير، وحينما دخل إلى مدير المؤسسة وقدم له التوصية، نهره المدير وشخط فيه قائلا إحنا بعد الثورة ملناش فى الواسطة وشغل الكوسة ده، فقال له صديقى طيب أعمل إيه. فرد عليه المدير ادفع مهر العروسة ثلاثين ألف جنيه. فقد خرجنا من مرحلة الكوسة والمحسوبية إلى مرحلة القرع والنقدية، لذلك صرخ سعد زغلول بعد ثورة 19 قائلا «مفيش فايدة»، ومن يومها أو من قبلها يأكل مرض الفساد فى كل مفاصل الدولة، حتى ندر أن تجد من يعيش فيها بلا سبوبة، ورغم أننا من أكثر الشعوب تدينا إلا أننا أكثرهم فسادا. فلا التدين الرشوة طهر النفوس الدونية، ولا الفساد محا الطقوس الدينية، وهذه معادلة عجيبة أشبه بأسطورة «كيف تخون زوجتك وتجعلها سعيدة»، فهى «كيف تفسد فى حياتك وتواظب على صلواتك» ونحن الأشهر فى هذا المجال، فأمامنا كم هائل من البحوث والدراسات المحلية والإقليمية والدولية وكأنهم يدرسون البلهارسيا، ودودة السركاريا، ولكننا استطعنا أن نعطى ظهرنا للترعة، لنستمرفى البلبطة فى مستنقعات الفساد. فمصيبتنا الكبرى أننا نحب الفساد، ونهيم بعشقه حتى اخترعنا له مئات الأسماء والأشكال.بداية بخمس جنيهات للركن فى الممنوع، إلى خمسة ملايين للبناء فى الممنوع، إلى خمسين مليونا لهبر الممنوع كله. لذلك يصعب على الأغلبية إعلان حرب حقيقية على الفساد، فالكل يشجب ويعارض بالكلمات بدون إجراءات أو تشريعات، وكأن المسؤولين خائفون أنفسهم!. أقول هذا ونحن على أعتاب دستور جديد، والأعضاء الخمسون متخبطون تائهون فى شكل وصلاحيات الهيئة أو المفوضية المسؤولة عن الفساد. فالبعض يريد تكوينها من الأجهزة الرقابية والآخر من التنفيذية، والبعض من الجمعيات الأهلية. أقول لهم بقلب مطمئن فلتكن من كل ذلك وأكثر يا سادة، نحن فى حاجة لمشروع قومى يشارك فيه الجميع لمكافحة الفساد بأنواعه وأشكاله المعروفة والمخفية. وليكن شعاره «ابدأ بنفسك ومتقلقش من حبسك».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة