قلت فى مقال أمس الذى عنونته بـ«زيارة إلى المستقبل لمعرفة ما سيكتبه التاريخ عن الإخوان» قلت: إن الإخوان لم يظفروا بما يخططون له من تصوير أنفسهم الآن باعتبارهم ضحية، ودللت على وجهة نظرى بعدة دلائل، فهم لا يدرون أن هناك تحولاً تاريخياً حدث فى الجماعة، وهى أنهم كانوا قديماً يقدمون أنفسهم باعتبارهم معارضة شريفة لسلطة ظالمة، ولكن الآن الناس تنظر إليهم باعتبارهم معارضة مخربة و«سلطة ظالمة» فى آن واحد، كما أن التاريخ سيحفظ لهم ما ارتكبوه من جرائم، وبذلك يصبحون مجرمين بدلا من «شهداء» ولكنى بعد سرد العديد من الأسباب التى ستحرمهم من الظهور فى دور الضحية سألت هذا السؤال: هل حسمت المعركة الإعلامية والتاريخية لصالح التيار المدنى ضد الإخوان، وهل سيخرجون من المعركة بعد كل هذه الأحداث والضحايا باللاشىء؟ اليوم أحاول أن أجيب عليه.
للأسف، فإن المعركة لم تحسم بعد، وذلك لأن المعركة مازالت حتى الآن «مستمرة» والتاريخ، كما يقال، يكتبه المنتصرون، وبرغم أنى لا أشك فى أن الشعب المصرى سينتصر على إجرام الإخوان، لكن هناك العديد من الإجراءات التى يجب أن يتم اتخاذها لتأكيد هذا الانتصار ودحر ادعاءات الإخوان بالمظلومية التاريخية التى يخططون لها الآن، وأهم هذه الإجراءات هو التأكيد على فساد حكم الإخوان ليس بإبراز أكاذيبهم وفسادهم وإجرامهم فحسب، وإنما بالتأكيد على هذا بإجراء إصلاحية كبيرة تؤكد للمواطن أنهم كانوا يقفون ما بينه وطموحاته فى وطن قوى وعادل، بما يعنى أن العبرة بالخواتيم، ولن يحفظ التاريخ فساد حكم الإخوان الذى تسبب فى عداء الشعب المصرى لهم إلا بإصلاح حقيقى يبرز مدى فشهم واستغلالهم.
ثانى العوامل التى من الممكن أن تساهم فى إبطال خطة الجماعة بالظفر بـ «مظلومية تاريخية» هى الحرص على عمل ميثاق شرف إعلامى ملزم للجميع، وسبق أن اقترحت أن يكون ميثاق الشرف الإعلامى نواة لقانون حاسم وحازم، يلزم الجميع، يتم معاقبة أى جهة أو شخص بغرامة مالية مناسبة إذا ما تمت مخالفته، وهذا الإجراء من شأنه أن يبرز أكاذيب الجماعة التى لا يختلف أحد على فداحتها، وللأسف فإن بعض وسائل الإعلام تساهم بشكل كبير فى تحسين صورة الإخوان من حيث لا تدرى، بأن تعرض افتراءات وأكاذيب حولهم، سرعان ما يتم الرد عليها وتفنيدها، فتصبح مثل الهجمة المرتدة، التى تتحول إلى هدف مباغت فى مرماك من حيث لا تدرى.
الخلاصة أن التاريخ لا يعرف الكلمة الأخيرة، وأن الرهان عليه يتطلب الكثير من الحذر والحيطة، كما أن التاريخ لا يعترف بمساجلاتنا اليومية وفيديوهاتنا التى نتناقلها منزوعة من السياق، ويجب على السلطة الحاكمة التى نفترض فيها أنها «وطنية» و«مخلصة» أن تعمل على الدفاع عن مصر بمزيد من العمل الجاد، ولو لم تتم الاستجابة إلى مطالب الثورة وأهمها «العدالة الاجتماعية» فكأنك يا أبوزيد ما غزيت، وإن لم نؤكد بإصلاحات حقيقة فساد الإخوان، فسيتساوى الأبيض والأسود، وإن لم نطهر إعلامنا من الشتامين والكذابين فسنصبح والإخوان سواء، ووقتها لن تظفر الجماعة بمظلومية تاريخية فسحب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة