لا أخفيك سراً أننى كنت من المخدوعين فى شخصية القيادى الإخوانى عبدالمنعم أبوالفتوح، وكتبت مؤيداً له عدة مرات، لكنى استربت من أفعاله بعد خروجه من سباق الرئاسة وميله المفضوح لتياره الأم «الإخوان» ليس سياسيا فحسب وإنما فكريا أيضا، فقد وضح لى أن اتجار أبوالفتوح بالإسلام لا يقل وقاحة عن اتجار الإخوانى بالإسلام، فهو يرى نفسه الممثل الأمثل للإخوان، ويرى أن بقية أعضاء الجماعة لا يستحقون أن يمثلوها، كما يرى نفسه هو الممثل الحقيقى للإسلام أيضاً، وهو صاحب التوكيل الحصرى للإسلامى العصرى الذى يسميه «الإسلام الحضارى» والذى نادى به فى الأساس القطب الإخوانى الراحل مصطفى السباعى فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى.
شيئاً فشيئاً بدا وجه أبوالفتوح الإخوانى فى الظهور، واسترجعت مواقفه السابقة فوجدت مواقفه تطابق مواقف الجماعة إلا فيما ندر، وسرعان ما اكتملت الصورة عندى ليس لأبوالفتوح فحسب، إنما لمعظم أبناء التيار الذى يؤيده ويسانده، بما فى ذلك حزب الوسط وانظر إلى مواقف هذه التيارات فى الاختبارات الحقيقية فسترى أنهم يتبعون نفس المنهج ويتبنون نفس الأولويات، فهم الذين دعوا الناس إلى اختيار «نعم» فى تعديلات 19 مارس الدستورية، وهم من أيدوا الجماعة وبدلاءها فى انتخابات الشعب والشورى، وهم عاصروا الليمون فى انتخابات الرئاسة، وهم مؤيدو الإعلان الديكتاتورى وهم رافعو راية المعارضة «الصورية» للإخوان، التى سرعان ما تتحول إلى تأييد أعمى فى المواقف الحاسمة.
شيئاً فشيئاً بدأت تتكشف أمامى حقيقة هذا التيار وزعيمه عبدالمنعم أبوالفتوح الذى لعب فى تاريخ الإخوان دورا شبيها بدور «مفيض توشكى» فحينما أنشأ عبدالناصر السد العالى فكر فى أن يكون مفيض توشكى منفذا للمياه الزائدة عن الحاجة والتى لا يستوعبها السد حتى برزت فكرة إمكانية الاستعانة بهذه المياه وقت الحاجة، وهو ذات الدور الذى لعبه أبوالفتوح مع جماعة الإخوان فاستطاع أن يجذب إليه الكثيرين من شباب الجماعة الذين وجدوا أن الجماعة ضاقت بهم وبأفكارهم، وضمهم إليه وإلى تياره تحت شعارات جذابة استطاعت أن تجذب إليها قطاعا عريضا من الشباب، وحينما أتت أوقات «الحسم» سخر أبوالفتوح وأتباعه هذا التيار إلى صالح الجماعة.
لا أدعى هنا أن الجماعة كانت بالذكاء الذى يجعلها تفكر فى عمل هذا التيار ولا أعقد أن هذه الظاهرة المريبة من بنات أفكار الجماعة، لكن هذا ما حدث، وهذا ما نراه يوميا، فأنصار هذا التيار وزعماؤه يرقصون دائما على الحبال، وهم جسور الجماعة خارجها شاءوا أم أبوا، وهم محامو الجماعة فى أوقاتها العصيبة، وكل منهم ينتمى بشكل أو بآخر إلى الجماعة، وغالبيتهم كانوا أعضاء سابقين فى الجماعة، وما اشتراكهم فى ثورة يونيو فى البداية إلا ظنا منهم أنهم سيزيحون مرسى ليضعوا مكانه «أبوالفتوح» بما يعنى أن الجماعة الآن تعيش على «مفيض توشكى» كجناح آخر من أجنحتها، بعد جفاف المنبع الأم ويقين الناس من أن التنظيم فيه سم قاتل، ولا أعتقد أننا سنلدغ من ذات الحجر مائة مرة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة