فى الأيام والأسابيع الماضية، ومنذ أن أطاح الشعب المصرى بذلك الكائن الذى كان يسمى زورا بالرئيس محمد مرسى، أعلنت وزارة الداخلية أكثر من مرة أنها عثرت على مفرقعات وقنابل، ونجحت فى أن تبطل مفعولها قبل انفجارها، وكان رد الفعل المعتاد من أنصار الإخوان ما ظهر منهم وما بطن، هو التشكيك فى الواقعة والادعاء بأن الداخلية هى التى فبركت هذه العملية لتشوه صورة الإسلاميين، وكانوا يدعون أن نجاح الداخلية فى التوصل إلى هذه المفرقعات والقنابل دليل على أن الداخلية هى التى وضعت هذه القنابل، بدليل عدم انفجار أى منها، متناسين أن هناك واقعة شهيرة انفجرت فيها قنبلة أمام مبنى محافظة الدقهلية، ومتناسين أيضا أنهم ضالعون فى الإرهاب بالصوت والصورة، وأنهم رأس حربة التنظيمات السرية التخريبية على مدار التاريخ المصرى، وأن عزل رئيسهم كان بمثابة صافرة البداية لماراثون الإرهاب الذى يبدو أنه سيستمر.
لا سقف لهذه البجاحة، ولا حدود لها، فلو نجحت الداخلية فى أن تبطل مفعول قنبلة يقولون إنها تمثيلية، ولو انفجرت يقولون إنها تمثيلية أيضا، وإذا لم يصب أحد يقولون إنها تمثيلية، والغريب أن هذه الطائفة هى التى كانت ترفع شعار «لا للعنف» قبل 30 يونيو، محاولين «زورا» أن ينسبوا العنف للمتظاهرين المعارضين لمرسى، ولما تبين أنهم أرباب العنف ورعاته الرسميون، رفعوا شعار «الدم كله حرام» ليساووا بين الضحية والجلاد، وبين دم المعتصم السلمى والميليشيات المسلحة، وبين دم الأهالى من شعب مصر، ودم أتباعهم، وهم أيضا مروجو دعاوى المصالحة التى يسمونها ظلما «المصالحة الوطنية»، دون أن ينال القتلة عقابهم، ودون أن يقتص الشعب ممن قتل أحلامهم وأراق دمه وسرق ثورته.
الآن انفجرت القنابل، وأثمرت المفرقعات، وصارت الأشلاء موزعة بين الشوارع والميادين، والعمل الإرهابى الخسيس الذى استهدف وزير الداخلية لم ينل منه، لكنه نال من عشرات المصريين المسالمين الذين لا أستبعد أن يكون منهم أحد المناصرين لمرسى، أو المتعاطفين مع الجماعة، والآن تأكدنا جميعا من أن رافعى شعار «تمثيلية.. تمثيلية» ليسوا أكثر من غطاء سياسى للإرهاب وأعوانه، وأنهم ليسوا أكثر من كومبارس فى مسرحية الإرهاب الأسود، يقومون بمساندته «البطل»، ويتسترون عليه حتى يضرب ضربته الوضيعة التى تصيب قلب مصر وعقلها وروحها وأمنها واستقرارها.
هم العدو فاحذروهم، وهم أعوان الظلمة وزبانيتهم، وهم من يمنحون الإرهابيين قبلة الحياة دائما، وهم الذين يلقون بطوق النجاة إلى الجماعة كلما غرقت فى بحر جرائمها وفسادها، ولا أدرى كيف يجدون إلى الآن آذانا مصغية ليعبثوا بها، وعقولا مفتوحة ليخبروها بسمومهم، ولا أدرى أيضا كيف نصبر عليهم بعد كل هذا العنف والقتل والتدمير والإرهاب، فليس بعد محاولة اغتيال وزير الداخلية فى قلب القاهرة، وفى «عز الظهر» من إجرام، وليس بعد استهداف قناة السويس ومحاولة تهديد سفنها وتشويه سمعتها عالميا من ذنب، فهل نصبر بعد هذا على سدنة الإرهاب حتى يصيب كل واحد فينا، وهل نصبر عليهم حتى يشوهوا قناة السويس، ويحرموا مصر من ستة مليارات دولار على الأقل هى إيراد القناة؟ وهل نصبر على المتآمرين المخنثين أعوان الإرهابيين حتى نجد بلدنا تضيع من بين أيدينا؟