فى مقال الأسبوع الماضى كتبت عن قيمة العدل الإلهى، وكيف أن الله أنزل فى كتابه براءة يهودى على حساب أنصارى، موضحا عظمتها وأنها قيمة مطلقة لا ينفيها شنآن ولا تخل بها عداوة وذلك بشكل مطلق ودون إسقاط أو تنزيل على واقع معين لأذر تلك القيمة نقية وعامة كما أنزلها الله.. فى نفس العدد كتب أحد الزملاء الكرام عن نفس القيمة «العدل» بتناول جميل تزينه الكثير من آيات الذكر الحكيم، وعلى الرغم من اتحاد الموضوع وتشابه التناول القرآنى إلا أن ردود الأفعال اختلفت جدا..غبطت الكاتب الفاضل على ردود الأفعال الطيبة متمنيا له التوفيق ثم استرجعت السباب والتخوين الذى نالنى لدرجة دفعت أحدهم لوصفى بأننى من الخوارج والعياذ بالله. تعودت فى مثل تلك الحالة ألا ابرر الأمر بالاضطهاد بل أتهم نفسى وأراجعها، فقلت: لعل ذلك لمخالفة ما تدعو إليه الآن لسابق حالك ومن ثم اتُّهِمَت نيتك وأُسىء الظن بك. لكننى وجدت أن لازم تلك الفرضية أننى دعوت من قبل للظلم أو رضيته لا قدر الله.. مررت مرورا سريعا على سابق كتاباتى ومواقفى فلم أجد ذلك بل وجدتها منذ أعوام تدور حول نفس القيم! سألت بعض المقربين ومن أثق بسداد نصحهم أرأيتم منى يوما دعوة للظلم أو رضا به؟ فكانت الإجابة دوما العكس! فأين المشكلة إذاً؟ «شكلك يخوف يا إرهابى».
تذكرت هذه الجملة التى قيلت لى منذ عام فى حوار مع إحدى الناشطات على موقع تويتر وبعد أول جملة من الحوار وجدتها تكتب هذه الجملة. موقف آخر مماثل حدث منذ أسابيع حين علق البعض على مقال لى بسؤال: كيف تسمحون للإرهابيين بالكتابة؟! إرهابيين وخوارج؟! الموضوع كبير على كدة!!هذا بخلاف ما نلقاه يوميا من مواقف واتهامات شبيهة.بعد بعض البحث والنقاش ستجد أن جُل أصحاب تلك الردود والمراسلات لا يعرفونك أو يتابعون ما تكتب وهذا طبعا حقهم. لكن أن تُختزل كل آراء المرء ومواقفه فى هذه الصورة المرفقة وتلك اللحية التى تبدو منها فهذا ما ليس من حقهم.حين تجد تعليقا على مقال يدعو إلى العدل والإنصاف يتهمك أنك إرهابى أو من الخوارج دون أن يعرفك فصاحبه لا يقصد يقينا أن العدل المذكور من مفردات الإرهاب أو أن الإنصاف من عقيدة الخوارج..إنها تلك الهيئة التى جعلته فورا يضعك فى نمط معين من خلاله قرر أن يحكم على رأيك ونيتك وتاريخك بل وعقيدتك ولم ينتبه أنك منذ شهور كنت تخالف بعض من يحمل نفس تلك الهيئة لأن منهم من وقع فى مثل ما يفعله اليوم معك وأنك تحملت منهم الكثير حينئذ لأجل تلك القيمة التى ظن أنها وليدة اليوم. قيمة العدل والإنصاف وعدم إطلاق الأحكام على فكر الناس وآرائهم وعقائدهم لمجرد نظرة سطحية لمظهرهم.. يومها رفضت أن يكفره أحد أو يسبه ويؤذيه بينما يطالب هو اليوم بإسكاتك وكتم صوتك ويؤذيك ويهينك ويُخَوِّنك لمجرد أن صورتك لديه لها نمطية معينة شُكَّلت من خلال تضافر بين أخطاء بعض حَمَلَتها وتشويه ممنهج من خصومهم.. هل سيجدى بعد ذلك أن تطلب ممن استباحك واستحل عرضك وربما دمك واتهم نيتك وعقيدتك بهذه الطريقة أن يعدل وينصف ويناقش رأيك وكلامك بموضوعية قبل كشف الهيئة وتأمل صورتك وتأطيرك من خلالها؟؟
للأسف لا أظن هذا يجدى مع من فكر بهذه الطريقة وبنى حكمه من خلال الشكل والمظل لا الفكرة والرأى، ومع ذلك فلن نضع مساحة فارغة مكان صورنا أو نتعامل مع لحانا على أنها عورة نخفيها ونستحيى منها أو نغير أشكالنا إرضاء لأحد أو طمعا فى ثنائه ولو فعلنا لفقدنا احترامنا لأنفسنا قبل احترام الناس لنا.لذا سنظل نكتب ونصدع بما ندين لله به وليختر المنصف مناط تقييمه وحكمه هل سيكون من خلال كلامنا وآرائنا وطرحنا أم عبر كشف الهيئة والصورة؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة