قبل سنوات وعندما ظهرت جرائم القتل العائلى، عرفت مصر نوعيات من الجريمة بلا دوافع ظاهرة، وقبل سنوات قتل أحد الشباب والديه، وتحولت الجريمة إلى قضية رأى عام. يومها أفرطت وسائل الإعلام فى الإعلان عن قناعات فكرية شاذة للشاب القاتل، هناك من قال إنه يؤمن بالأفكار الوجودية، وأخرى ذهبت إلى أنه فوضوى، لكن التحقيقات كشفت عن أنه مختل نفسياً، وأرجع الأطباء النفسيون الأمر إلى اختلال نفسى ناتج عن التربية الخاطئة.
وفى أمريكا وأوروبا بعد ثورة الشباب فى عام 1968 ظهرت حركات الهيبز، التى انتهت بحالات قتل وانتحار جماعى.
ومع كل قضية إرهاب، كانت هناك أفكار تقف وراء كل قضية، عندما ظهرت جماعة التكفير والهجرة، كان شكرى مصطفى أحد تلاميذ الإخوان، والمؤمنين بأفكار سيد قطب، وانطلق مع عشرات غيره ليؤسسوا جماعات تتجاوز الإخوان، أو ترجع للأفكار الأولى التى كانت تجمع بين العنف والدعوة، وتستخدم فكرة تعبيد الناس بمعنى إجبارهم على الإسلام كما يفهمه هؤلاء.
وبالرغم من أن دعاوى التكفير واجهت رفضا من بعض قيادات الجماعة، وأصدر المرشد الثانى حسن الهضيبى كتابه «دعاة لا قضاة» الذى يرفض فيه الإفراط فى العنف. وأن الدعوة يفترض أن تكون اختيارية بالموعظة، لكن بالرغم من هذا بقى الخيطان داخل الإخوان، والجماعات التى خرجت من عباءتها. واتخذت جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية، طرقها فى العنف، وكانت وراءها أفكار تم جمعها من تراث الأفكار، ظهر محمد عبدالسلام فرج، وعمر عبدالرحمن. بينما كانت جماعة الإخوان تمارس السياسة علنا، محتفظة بتنظيم تقليدى سرى.
كل هذا وكانت الجماعة تمارس السياسة فى النقابات والبرلمان، لكنها كانت ضمن المعارضة، ومع انتقالها للسلطة، بأغلبية برلمانية، ثم الرئاسة، بدا أن هناك التحاما بين الجماعة، والجماعات التى خرجت من عباءتها. وأصبحت قيادات الجماعات العنيفة من وافق منهم على المراجعات ومن رفض حلفاء بدرجات مختلفة، بل إن الأكثر عنفا أقرب للجماعة، رأينا عاصم عبدالماجد وصفوت عبدالغنى بل وطارق الزمر أقرب للإخوان من السلفيين. وتزامن ذلك مع تقدم القطبيين نسبة لسيد قطب مقابل تراجع المعتدلين.
واليوم ونحن أمام عمليات إرهابية أو عنف، نجد بعضه يرتكبه الإخوان فى المظاهرات والهجوم على المؤسسات، بينما دخلت العمليات المفخخة على الخط. خاصة أن من يرتكب الإرهاب، من الجماعات الإسلامية أو الجهاد، يفعل ذلك مساندة لما يراه المشروع الإسلامى، فضلاً عن أن أفكار عمر عبدالرحمن وفتاواه، وعبدالسلام فرج وغيرها كانت تطوراً لأفكار سيد قطب. التى تبدو أنها تلتقى اليوم مع فروعها، أو تبتعد عنها كما تعلن الجماعة، التى تسارع دائما بإعلان رفض العنف، لكنها لا ترفض الأفكار التى تدعو للعنف وتعتبره جزءاً أساسياً. ولم تتبرأ منها.
من هنا فقد يبدو أنه خلف العمليات الانتحارية، أو السيارات المفخخة، تقف عقليات تخطط وتدبر، لكن الأهم هى العقليات التى تمثل أفكارها حالة إقناع للفاعل ونقصد الأفكار والنظريات والفتاوى الفقهية. فهل من يفعل هذا هو السيارة المفخخة أم الأفكار المفخخة؟