أختلف مع من يقول إن «الإرهاب الأسود» يطل بوجهه القبيح على مصر من جديد، فليس هناك جديد فى القضية، لأن هذا الإرهاب وصل إلى الحكم، وتربع على عرش مصر لمدة عام كامل، ومن قبله استولى على البرلمان المصرى لمدة عامين، وأطل على المصريين طوال السنوات الثلاث الماضية من شاشات الفضائيات.. وجرائمه الإرهابية فى الماضى البعيد والقريب مازالت ماثلة فى أذهان المصريين الذين أخطأوا بالتسامح مع هذا التيار الإرهابى، ومنحوه قبلة الحياة، وفرصة التطهر من جرائمه، والاندماج كبشر عاديين فى المجتمع، بل مهدوا له طريق الوصول إلى السلطة، كعادة المصريين فى نظرية التسامح حتى مع القتلة، ونظرية «المسامح كريم، وعفا الله عما سلف، والصلح خير». لم يكن الجزاء لدى الإرهاب الإخوانى من صنف العمل، فقد جاء جزاء الإحسان والتسامح من الشعب المصرى عنفًا وقتلاً وارهابًا وغطاء سياسيًا لأئمة العنف، وقادة الإرهاب فى العالم، ليدخلوا إلى مصر آمنين، ويعيثوا فيها فسادًا، وينتظروا اللحظة لإعلان دولتهم الإرهابية تحت الحماية الشرعية للجماعة الأم الحاضنة لهم، وهى جماعة الإخوان.
العملية الإرهابية الخسيسة لاغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم هى بداية الموجة الثالثة لإرهاب الإخوان بعد ثورة 30 يونيو، والإطاحة بالرئيس المعزول مرسى بعد الاعتصام، والتظاهر، والتهديد، والترويع للناس، وثم عمليات اقتحام وحرق الكنائس، وأقسام الشرطة، وقطع الطرق. وهذه الموجة الإرهابية هى الأخيرة فى رحلة الإرهاب الإخوانى، وإعادة لسيناريو الثمانينيات والتسعينيات الذى تحطم على صخرة الإرادة الشعبية رغم حجم الخسائر التى تكبدتها مصر فى هذه الفترة. يخطئ تنظيم الإرهاب الإخوانى إن ظنّ أنه بهذه العمليات الفاشلة واليائسة يستطيع تركيع الشعب المصرى، وكسر إرادته، وهزيمة ثورته، أو يحاول فرض معركة منفصلة ضد الشرطة والجيش، لأن المعركة هذه المرة ليست ضد نظام فقط، إنما ضد شعب ومجتمع، والنتيجة الحتمية لهذا الإرهاب بالتأكيد هى الهزيمة المنكرة لتكون النهاية المأساوية لهذا التيار الإرهابى الذى لم ينتهز فرصة كرم وتسامح الشعب المصرى معه، وعاد إلى سيرته الأولى فى الأربعينيات والخمسينيات وصولاً إلى التسعينيات فى ممارسة الإرهاب والعنف والقتل والترويع.
الآن لا حديث ولا حوار ولا صوت يعلو فوق صوت الشعب فى حربه ضد الإرهاب، ولا نريد أن نستمع إلى أصوات «الطابور الخامس» التى تدعو للمصالحة والحوار مع رموز الإرهاب، وعليهم أن يصمتوا الآن أو يصمتوا للأبد.