هنا وعبر عشرات السطور والمقالات كتبنا عن حزب النور.. عن تطور أدائه السياسى.. عن تفوقه على الكثير من الأحزاب المدنية، رغم فارق الخبرة والزمن.. عن كفاءة شبابه وقياداته الوسيطة وقدرتها على تخطى أزمات البلكيمى، وخلافات سعيد عبدالعظيم مع برهامى بالحد الأدنى من الخسائر والشوشرة.. ولم ننس أبداً أن نراقب أو نتابع حق حزب النور فى التطلع للفوز بمقعد الإخوان بالصف الأول، كممثل لتيار الإسلام السياسى، ولكن يبدو أن حزب النور نفسه هو الذى نسى أوتعرض لخيانة فجة من ذاكرة قياداته بأن الشعب المصرى أزاح الإخوان من الصف الأول إلى مؤخرة التاريخ، لأن السادة فى مكتب الإرشاد أخذتهم العزة بالإثم، وصور لهم وهمهم بالانفراد بالقدرة على الحشد تحت شعار الدفاع عن الدين والشريعة، أنهم المتحدثون باسم الإسلام، فإن هم حضروا أى مجلس أو مائدة حوار أو قاعة حكم حضر الإسلام، وإن هم غابوا أو تمت إزاحتهم غاب الإسلام وتلاشى، وكأن الدعوة التى سارت فى دربها تخترق الحواجز وتؤسس لإمبراطوريات بعد وفاة صاحبها النبى الكريم محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، جاء عليها اليوم لتنهزم وتنزوى وتتلاشى لأن محمد مرسى قد سقط من فوق سدة عرش مصر..
لابد أن تسأل كيف يصعد كل شيوخ حزب النور فوق المنابر، ليعظوا فى الناس ويحدثونهم عن الجلال الفقهى للأمر القرآنى «وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ» الأية 55 من سورة الذاريات، ثم يكونون هم أول من أهملوا تذكير أنفسهم بمصير الإخوان، حينما حاول مكتب الإرشاد جعل الحديث باسم الإسلام والدين حصرياً للدكتور مرسى وشيوخ الجماعة؟.
الإسلام ليس منتجاً حصرياً لحزب النور، أو الشيخ ياسر برهامى أو قيادات الدعوة السلفية حتى يخرج علينا أحدهم صارخاً ومستغيثاً بالناس فى الشوارع لنصرة الإسلام والشريعة، لأن لجنة الخمسين للتعديلات الدستورية لا تضم سوى حارس واحد للعقيدة الإسلامية، هو ممثل حزب النور، وكأن باقى أعضاء اللجنة من كفار قريش، أو قارعى الكوؤس فى دار الندوة.
ماظنه قيادات حزب النور محاولة للحفاظ على الهوية الدينية للدستور المصرى، أو ماروجه البعض بأنه محاولة لنصرة الشريعة والحفاظ عليها من هوى نفوس القائمين الجدد لتعديل الدستور، هو فى جوهره تعرية لحقيقة شيوخ الدعوة السلفية، والنور أمام جماهير الشارع التى اكتشفت أنه لا فرق بين شيوخ الإخوان وشيوخ النور أو غيرهم، وأن كل من دخل الحياة السياسية على أساس دينى، يسعى لأن يحتكر الحديث باسم الإسلام حتى ولو تم ذلك على جثة تكفير الشعب المصرى بأكمله..
شيوخ النور ليسوا حراسا للعقيدة، وتكرارهم للحديث عن وجود ممثل واحد للتيار الإسلامى فى لجنة الخمسين، متجاهلين شيوخ الأزهر وباقى الأعضاء، مؤشر كارثى على وجود جماعة سياسية بيننا، يمكنها فى أى لحظة أن تعيد إشعال نار تقسيم الشارع السياسى إلى فريق إسلامى وفريق آخر معاد للإسلام، وهذه الرغبة الكارثية فى التعامل مع المجتمع على هذا الأساس، تفتح من جديد ملف تأسيس الأحزاب السياسية على أساس دينى وماجلبه على مصر من كوارث، كان على رأسها إهانة الدين ورجاله، فما تعرض له رجال الدين والشيوخ فى عام واحد تحت راية ماسمى بحكم الإخوان الإسلامى من إهانات وتآكل هيبة لم يحدث طوال عشرات السنين من حكم عبدالناصر والسادات ومبارك، أو مايطلق عليه أبناء تيار الإسلام السياسى الحكم العلمانى..
حزب النور أطلق نفير التحذير من فكرة استمرار وجود أحزاب دينية على الساحة السياسية، فاسمعوا واعقلوا قبل أن تفاجئكم لحية جديدة بتقسيم المصريين إلى كفار يريدون هدم الإسلام، بسبب إعادة صياغة مادة فى الدستور، ومؤمنين أطهار يفجرون ويقتلون تحت راية الدفاع عن شرع الله.. أدركوا اللحظة الفارقة، لا على طريقة الجبان والهارب دوماً حازم أبوإسماعيل، ولكن على طريقة الخائفين على هذا الوطن من شبح احتكار الحديث باسم الدين وتكفير الناس حسب أهواء الخصومة السياسية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة