اليوم تبدأ أولى اجتماعات لجنة الـ50 لإعداد الدستور الجديد. وحسب خارطة الطريق السياسية.. فمن المقرر أن يستمر عمل اللجنة لمدة شهرين حتى 9 نوفبمبر المقبل، ثم إجراء الاستفتاء الشعبى للانتهاء من الخطوة الأولى والأهم فى خارطة الطريق، وهى إعداد دستور يليق بمصر بعد ثورتين والإطاحة بنظامين استبداديين يحقق أهداف الحرية والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية. الهدف من اللجنة ليس الدخول فى معارك فرعية وصراعات هامشية تسعى بعض الأطراف إلى افتعالها قبل وأثناء عمل اللجنة، واختزال مهمة اللجنة وأولوياتها وغاياتها فى الدستور الجديد وإظهار أن ما سوف يحدث داخل اللجنة هو مجرد «صراع دينى» حول المادة الثانية والمادة 219 من الدستور الإخوانى المشبوه.
الأولويات والتحديات أمام اللجنة أكبر وأهم من معارك حزب النور والدعوة السلفية، فالدستور ليس معركة حول الإسلام وهوية الدولة الإسلامية، فالمادة الثانية موجودة قبل أن يظهر حزب النور والدعوة السلفية، وقبل أن يعرف المصريون ياسر برهامى وغيره، ولم يمنح أحد ممثلى النور فى لجنة الخمسين تفويضا وتوكيلا حصريا للتحدث باسم الإسلام، فليسوا هم المسلمين وحدهم وباقى أعضاء اللجنة من «الكفرة». وأعتقد أن على حزب النور أن يعى ويدرك جيدا أن أسلوب المراوغة والمقايضة بمادة أو أخرى وانتهاز الظرف السياسى والأمنى الذى تمر به مصر، لن يؤدى فى النهاية بالحزب وبالدعوة إلا إلى ذات مصير جماعة الإخوان. فقبول الناس لحزب النور حتى الآن داخل منظومة العمل السياسى يأتى على مضض وأظن أن قادة الحزب يدركون ذلك جيدا، فقد دفعت ممارسات الإخوان أثناء حكم مصر بالناس إلى «الزهق» من كل ما يسمى بتيار الإسلام السياسى. إذا أراد حزب النور جعلها معركة دينية، فليعلن اعتزاله العمل السياسى وتحوله إلى الدعوة والموعظة الحسنة، فالدين أقدس من جعله مادة للصراع السياسى.
أعضاء اللجنة عليهم أن يتفادوا الدخول فى معارك هامشية وفرعية وعليهم أن يتحملوا مسؤوليتهم الوطنية والمهمة الشاقة والعسيرة لإخراج دستور الثورة الذى يحقق كل آمال وأحلام الشعب فى الحياة الكريمة وفى إقرار الحقوق والواجبات والحريات العامة والمواطنة. نحن قادمون على معركة بناء مستقبل وليس صراع على الماضى.