حاول أن تتخيل نفسك عضوًا فى الجماعة، وفكر ما الذى يمكن أن تفعله الآن؟.. السؤال طرحته الأسبوع الماضى على صفحتى فى الـ«فيس بوك»، وكتبت للأصدقاء: لا ترفض السؤال، لأنك من المعارضين لفكر وسلوك الجماعة، وحاول.. أنا أعرف أن تقمص فكر وسلوك الآخر المختلف معك عملية صعبة، لكنها منهجية مهمة وناجحة فى التحليل السياسى، وتوقع ردود أفعال الآخر، وبالتالى تعظيم قدرتك على التعامل معه.
إجابات الأصدقاء جاءت ثرية ومتعددة، وعكست تنوعا يعبر عن حالة الرأى العام إلى حد كبير، فهناك من رفض الإجابة وكتب: لا يمكن أن أتخيل نفسى إخوانيا، ولا أتمنى أن أكون من هذه الجماعة، وهناك من قال سأحلق ذقنى وأهجر السياسة، وأجلس فى بيتى أستغفر الله على ما ارتكبته الجماعة من أخطاء وجرائم بحق الشعب، بينما كتب مفكر سياسى مرموق من أصدقائى أنه سيتخيل نفسه فى دورين، الأول إخوانى من الصقور، والثانى إخوانى من الحمائم.. فى موقف الصقور سأقف محلى ألعن وأسترجع كل خطاب المظلومية، وقال: صدقنى لا آمل فى هؤلاء، فهم والجمود سواء.. أما لو كنت من الحمائم أو العقلاء فسأراجع موقف الجماعة من أشياء عديدة، من بينها الوطنية، فمصر ليست كفرًا بل هى من صميم الإيمان، والدين ليس جنسية، إنما اعتقاد.. من يفكر «فلاش باك» لثمانين عامًا لا بد لو أعمل العقل أن يجرى إعادة هيكلة كاملة للجماعة بما فيها الحل والبناء على أسس شفافة صريحة واضحة.. أما صديقى وزميلى فى الدراسة الإعلامى المرموق حامد عزالدين فقد كتب: سأعلن على الفور ما تمناه الإمام حسن البنا فى أن تعود الجماعة إلى الدعوة، وتبتعد عن السياسة بوصفها فن الكذب بمختلف درجاته، وهو ما يتناقض مع جوهر الإسلام وهو الصدق الذى هو عكس السياسة.. لكن فى المقابل كتب صديق لى من الإخوان - على الخاص - أن السؤال محاولة موضوعية لاستطلاع آراء عينة عشوائية من أصدقائك، وأعتقد أن أغلبهم من اليساريين والناصريين والليبراليين العلمانيين، أى أنهم لا يمثلون الشعب الذى يؤيد الإخوان، ويرفض الانقلاب، ويطالب بعودة الشرعية، وأضاف: أنا من الإخوان.. وأقول لك لا يوجد صقور أو حمائم فى الجماعة، لأن الجميع على موقف واحد، موقف يرفض الظلم، وحملات التشويه الإعلامى، والملاحقات الأمنية والاعتقالات التى تتعرض لها الجماعة.. وهناك إجماع بين أعضاء الجماعة على أن الإيمان بالديمقراطية، واحترام الرئيس مرسى لها، أدى إلى الوضع الحالى، ورغم محنة الجماعة - وهى ليست جديدة علينا - الآن، فلا أحد يفكر فى اللجوء للعنف، وكل ما يحدث من أعمال عنف هو من تدبير الداخلية، ومن أفعال بعض الجماعات الإسلامية الأخرى التى تختلف مع الإخوان فى منهج الدعوة والعمل.
أكتفى بهذه النماذج لكى أقدم إجابتى، وهى أننى كعضو افتراضى فى الجماعة، لابد أن أسترجع تاريخ صدامات الإخوان مع الدولة، وسأجد أن كلها معارك خاسرة ودموية، خاصة أن الشعب يقف حاليا مع الدولة، وبالتالى لابد من التراجع والمناورة وتصحيح الأخطاء، والبحث عن مصالحة سريعة تحقن دماء المصريين، وتحافظ على وجود الجماعة، وتحاصر اتجاه بعض الإخوان وحلفائهم لاستخدام العنف، لأن العنف سيجعل الجماعة تخسر كل شىء، ولابد أن يتمسك الإخوان بالرهان على السلمية والديمقراطية من خلال حزب الحرية والعدالة، والاشتراك فى خريطة الطريق، والعمل على تحسين شروطها، والعمل السياسى وليس الدعوى فى الشارع، وهنا قد تكون لدى الإخوان فرصة لتشكيل معارضة ديمقراطية محترمة، أو ربما العودة للحكم من خلال الصندوق.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة