الدكتور محمد صالح المسفر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر، أحد الضيوف الدائمين لقناة الجزيرة القطرية منذ فترة طويلة، وقبل أحداث ثورات الربيع العربى كان يقدم نفسه كواحد من المفكرين المعروفين باتجاههم القومى. الدكتور المسفر ينأى بنفسه عن مناقشة ما يجرى داخل الدولة الصغيرة من قريب أو بعيد، ويسلط آراءه وأفكاره إلى خارج حدود الدوحة، فوجد ضالته الفكرية فى التوارى خلف الاتجاه القومى، مثله فى ذلك مثل الدكتور عزمى بشارة القاطن فى «الجزيرة» منذ سنوات طويلة، حتى لا يغضب ولاة الأمور الجدد الذين يغدقون عليه بسخاء ودون حساب مقابل الدفاع عن النعيم الديمقراطى لقطر، والهجوم على الجحيم الديكتاتورى لمصر بعد 30 يونيو.
التحولات الفكرية وفقًا للمكان والزمان، وحسب المصلحة الشخصية لعنة أصابت الكثير من النخبة المصرية والعربية التى ملأت الدنيا صياحًا وضجيجًا حول الحرية والديمقراطية، وإرادة الشعوب العربية فى تقرير مصيرها، ثم عندما تثور الشعوب على غير هوى ورغبة النخبة ودولها التى تنتمى إليها مكانًا وزمانًا ومصلحة، تصبح الثورة انقلابًا، والإرادة الشعبية «عسكرة» للدولة، وضياعًا للديمقراطية المنتخبة، ومأتمًا للشرعية الساقطة.
الدكتور المسفر منذ سقوط الإخوان فى ثورة 30 يونيو - مثله مثل الإخوانى الحالى والقومى سابقًا عزمى بشارة - سخّر نفسه لخدمة المشروع القطرى المعادى للثورة المصرية، واعتبر ما حدث انقلابًا عسكريًا ضد حكم «الرئيس المدنى المؤهل تأهيلًا أكاديميًا عاليًا، والناشط السياسى محمد مرسى»- ولا أعرف من أين جاء بكل هذه الصفات فى الرئيس المعزول- رغم أن وصف الانقلاب بكل تفاصيله، وكما اتفق خبراء العلوم السياسية، وهو واحد منهم، ينطبق على حالة واحدة فقط فى المنطقة العربية يعرفها جيدًا الدكتور المسفر الحزين والغاضب لزوال حكم الإخوان فى مصر.
المفكر الذى كان قوميًا فى السابق تحول فجأة وفقًا لعقارب الرغبة القطرية إلى إخوانى أكثر من الجماعة الإرهابية نفسها، وأصبح محرضًا عظيمًا ضد مصر ومن يساندها، إلى درجة أنه كتب منذ يومين مقالًا يؤلب فيه دول الخليج العربى التى ساندت الثورة المصرية فى 30 يونيو على مصر، ورأى أن موقفها من «الانقلاب» يعرضها لخسائر سياسية فادحة، لأنها تساند الانقلاب فى مصر، ولا تدعم الثورة فى سوريا الحبيبة التى تتزعمها وتقودها الجماعات التكفيرية والإرهابية، وبدعم واضح من دولته.
مصيبتنا الآن فى نخبتنا المتحولة من النقيض إلى النقيض، حسب التوقيت الزمنى والمكانى لمصالحها الشخصية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة