كل الزعماء الحقيقيين الذين حكموا العالم وقادوا أوطانهم بعد الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية الستينيات، لم يبيعوا الوهم لشعوبهم، بل منحوهم الأمل فى المستقبل والقدرة على العمل والإنجاز والتضحية، وبذل الجهد والعرق والدم لبناء الأوطان.
نجح هؤلاء الزعماء بخطاب الثقة والأمل والإيمان فى الشعب، وليس بالوهم والخديعة ومشاريع الزيف والانتماء للحزب والجماعة، وفقدان الثقة فى الناس. ديجول الزعيم الفرنسى الكبير والأب الروحى للجمهورية الخامسة خاطب الشعب فى قلب باريس بعد فوزه بالرئاسة بصوت قوى واثق قائلا لهم «لن أعدكم بشىء سوى ببذل الجهد والدعم والعرق حتى نبنى الجمهورية». ديجول كان عسكريا مثل القائد البريطانى ونستون تشرشل رئيس الوزراء الأسبق، وايزنهاور الرئيس الأمريكى الذى حكم الولايات المتحدة الأمريكية من 1953 إلى 1961، وكان قائدا أعلى لقوات الحلفاء فى أوروبا وكان أول رئيس أميركى يطلق مشروع توسيع نظام الضمان الاجتماعى، ويبدأ فى إنشاء نظام للطرق السريعة بين الولايات. وفى مصر كان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
لا يعنى أن يكون الحاكم قائدا عسكريا سابقا، أنه غير قادر على العبور بوطنه نحو الاستقرار والبناء والتنمية والإصلاح الديمقراطى، أو أن يكون رئيسا مدنيا صالحا لمهمة قيادة الدولة، المعيار هنا هو قدرة هذا الحاكم، سواء كان عسكريا أو مدنيا أن يحقق ما يصبو إليه شعبه من حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية وحياة معيشية كريمة، وأن يتمتع بالقبول والتوافق من شعبه، والثقة المتبادلة بينهما من خلال العمل والإنجاز بشفافية ونزاهة وعدل.
من هنا نستطيع أن نقول أن الفريق السيسى استطاع فى خطابه بالأمس أن يخاطب وجدان المصريين بكل احترافية إنسانية، يدرك تفاصيلها جيدا. فجاء الخطاب ليزيد من شعبيته الكاسحة فى الشارع المصرى، ويؤكد ثقة المصريين فيه، ووضع كل آمالهم عليه، ليحقق لهم ما فشل فيه مرسى وإخوانه فى عام واحد، ومبارك ونظامه فى ثلاثين عاما. الخطاب فى تحليله البسيط يطل بنبرة الثقة والأمل، الثقة فى المؤسسة العسكرية الوطنية التى ينتمى إليها، والشعب والأمل فى تحدى الصعاب مهما بلغت قوتها وشراستها، وفى المستقبل فى وطن أفضل، جاء الوقت المناسب لكى يقوده ويحقق أمال شعبه، مثلما فعل مثله الأعلى جمال عبدالناصر.