قرار واقع:
(كلهم بيقولوا كده فى الأول والكلام الحلو بيتحول / البراءة والحنان واللى ياما اتقال زمان.
كل ده دلوقتى بان.. كل ما الأيام تطول /الكلام سهل وكتير، بس إيه بيجرى بعده /فى الهوى أوام يطير يبقى كله زى بعضه /ناس صحيح ملهاش أمان /كله فى الأول وعود ولما يوصل للى عايزه، قسوته ملهاش حدود).
تبدو لك الكلمات السابقة مجرد أغنية عاطفية لعمرو دياب، حققت النجاح وأبكت المحبين، وعلى نغماتها رقص كل «couple» زارهم الفراق، وانضموا لقائمة الـ«single» رقصة الطير المذبوح، ومع مزيد من التركيز ومزيد من الإيمان بأن «النحنحة» أسلوب حياة صالح لكل زمان ومكان، ولكل مطرب وكل سياسى، ستكتشف أن للأغنية فوائد أخرى غير البكاء على غدر الحبيب والبكاء على أطلال العلاقة المفقودة.
(1) يقول الأول إننا نور العيون، وسبقه الثانى قائلاً: ارفع رأسك أنت الأعظم وقائد تحرير الشعوب، أما الثالث فلقد وعدنا بدولة العلم والإيمان، بينما الرابع جاء ومعه قوله ملحناً: «ال مصريين أهمه.. حيوية وعزم وهمة»، والعادة المصرية أخبرتنا أن الشعب الطيب الذى صدق الرابع حتى جفف منابع همته وإرادته، وصدق الثالث حتى تركها وهى دولة الانفتاح والإرهاب، وصدق الثانى حتى رحل تاركاً قطعة من أرض الوطن محتلة، سهل جداً أن يصدق الأول ويمنحه شيكا على بياض مقابل مجموعة من الوعود الوردية، ولكن هل يوجد حل؟.. تعال لنعرف!!
(2) بعض من محتوى «الجوابات» يتضح من عناوينه، هكذا علمونا ويا ليتهم ما فعلوا، فلقد جعلونا بتلك الحكمة صيداً سهلاً لأصحاب الوعود الوردية المتقنة، بعد أن اعتدنا إهمال التفاصيل الأكثر قدرة على تحديد إذا ما كان الجواب جيد المحتوى أو سيئ المضمون.
انظر إلى فيضان وعود وتصريحات وظهورات التليفزيون لكل راغب فى منصب رئاسى أو وزارى، وستجد عناوين براقة وحانية وعاطفية لجوابات لم تفتح بعد، ومع ذلك يسقط المصريون فى فخ الإيمان بها، والتهليل لها قبل أن يعرفوا أتوبيس كام رايح على فين.. هل تذكر شيئا اسمه مشروع النهضة مع الإخوان؟! وهل تذكر شيئا اسمه العبور إلى المستقبل مع الحزب الوطنى؟
(3) حتى تفهم أكثر أى مستنقع مخيف يسقط المصريون فيه، أنت تريد أن تسمع من مرشحك الرئاسى القادم وعودا مثل هذه:
- لن نتهاون مع أى مخطئ، ولن ندع أى متاجر بقوت الشعب يفلت من الملاحقة والعقاب.
- كل من يمارس أى نوع من أنواع المحسوبية سيحاسب حساباً شديداً.
- لا أكره شيئاً قدر المنافقين الذين يزينون طريق الخطأ للآخرين.
-لن أرحم أحداً يمد يده حتى ولو كان أقرب الأقرباء إلى نفسى، لأن مصر ليست ضيعة لحاكمها، مصر ملك للذين يعرقون من أبنائها.
- مصر دولة عظمى.. ولابد أن تكون فى مكانها الطبيعى كسيدة لدول العالم.
(4) أنت معجب بالتصريحات السابقة، أنت أصلاً واحد من أبناء الشعب العاطفى بطبعه، تبكى لأن مسؤولاً كبيراً بكى وهو يسمع آية قرآنية، وتفرح لأن سياسياً نجح فى «دغدغة» مشاعرك الوطنية عن مصر أم الدنيا وحضارة السبعة آلاف سنة.. أنت تحب هذا النوع من السياسيين الذين يمتلكون كاريزما الحديث والخطابة، تمنحه دعمك، قبل أن يمنحك هو برنامجا انتخابيا أحلامه قابلة للتنفيذ وفق جدول زمنى ومالى محدد وغير وهمى.. ولكن هل تسمح لى أن أصدمك؟!
(5) كل التصريحات ووجهات النظر والوعود السابقة التى أعجبتك فى الأصل تصريحات ووعود أطلقها مبارك فى أول أربع حوارات صحفية أجريت معه بعد أن أصبح رئيساً لمصر.. ولذلك نقول إن جمال وعبقرية ومدى صلاحية المرشحين، يكمن فى تفاصيلهم وقدرتهم على التفاعل مع الواقع، وليس أبدا فى حلاوة وطلاوة تصريحاتهم الوردية أو حنان كلماتهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة