عدد من الذين فاجأتهم نتيجة الاستفتاء على الدستور وقدرة الشعب المصرى على الإدهاش والإبهار دائما فى تلبية نداء الوطن، استكثروا فرحة هذا الشعب بإنجازه التاريخى وبخروجه فى طوابير الديمقراطية الذى أذهل العالم وأخرس ألسنة المزايدين والمشككين فى إمكانية نجاح الاستفتاء وبنسبة كبيرة قد لا تتكرر فى سنوات كثيرة قادمة. هؤلاء أغاظهم المشهد الرائع لنساء مصر وكبارها وشبابها وصغارها أمام لجان الانتخابات للتصويت بنعم قوية ومدوية فى وجه الإرهاب وفى وجه من يتحذلق بالجعجات الكلامية الفارغة بعيدا عن أرض الواقع التى يعرفها جيدا هؤلاء المصريون البسطاء الذين خرجوا لإنقاذ الوطن من براثن الإرهاب والفوضى والاستبداد الدينى للجماعة الإرهابية وأتباعها.
تشويه اللوحة البديعة التى رسمها المصريون بأجسادهم وأصواتهم فى أيام الاستفتاء لن تجعلنا ننسى المرأة المصرية التى أثبتت أنها المدرسة التى يتعلم منها الجميع والتى مازالت تضحى من أجل «إعداد شعب طيب الأعراق»، وأنها الأم والأخت والزوجة التى تعرف معنى التضحية من أجل وطنها بعيدا عن الحذلقة السياسية والنقاشات الفارغة والسفسطة غير المجدية. إنهن الأمهات اللائى أعلنها صراحة فى صناديق الاستفتاء: «نريد الدولة ونريد الاستقرار والعيش بكرامة بعد 3 سنوات من الارتباك والتخبط والضياع والفوضى والإرهاب». نساء مصر أعطين الدرس لمن يعى ويفهم معنى الخروج وجعلن من يتقاعس عن أداء الواجب الوطنى يشعر بالخجل والعار من نفسه أمام العجائز اللائى خرجن رغم العجز والمرض ليدلين بأصواتهن من أجل مستقبل أبنائهن. فهى أم الشاب الثائر فى 25 يناير التى انتظرته أن يعود وعاد شهيدا وتحملت من أجل أن يأتى المستقبل ولكنه لم يأت، وهى أم وأخت وزوجة الشهيد الذى خرج ضد «العسكر» وضد الإخوان واستبداد الرئيس المعزول، التى انتظرت واستبشرت بالخروج حتى تعود مصر التى تعرفها ولكن تاهت وسط صراعات سياسية شخصية من أجل مصالح ضيقة.
هذا الخروج الأخير كان درسا من المرأة المصرية، «أجمل الأمهات» التى تعبت وملت وتحملت أعباء الثلاث السنوات منذ 25 يناير حتى جاءتها اللحظة الموعودة فى 30 يونيو لتصحيح المسار فأعلنت العصيان على كل المتفلسفين والمتحذلقين وخرجت لتعلن رأيها بوضوح فى المستقبل الذى تريده وتنشده وتصدقه.. تريد أن تعيش فى وطن آمن ويجب أن نصدقها ونثق فيها؛ هذه المرأة.