أنا مش عارفنى.. أنا مش أنا.. أنا تهت منى.. لا دى ملامحى.. ولا شكلى شكلى.. ولا ده أنا.. أبص لروحى فجأة.. لقيتنى بقيت عرّْة وساعات ثورة وخربت البلد وساعات فلول.. ولقيتنى كبرت فجأة ونزلت دمعتى.. تكونش دى نهايتى وآخر قصتى.. مع الاعتذار لصاحب كلمات أغنية الرائع عبدالباسط حمودة ولكن تلك هى ببساطة شديدة الكلمات التى تلخص حال الاتهامات التى ينالها الجيل الذى أنتمى إليه وربما الجيل الذى يلينى ومؤكدا الجيل الذى يسبقنى، هاش تاج على موقع التواصل الاجتماعى تويتر يقول «أنتم جيل عرّْة» هو آخر السباب الذى نال أغلب جيلى لأن أغلبه فى ظن بعض الصبية قال نعم موافقًا على الدستور الأخير.
منذ عامين كتب وائل غنيم على حسابه الشخصى على موقع «الفيس بوك» الثورة صراع بين جيل ارتضى بالمشى جنب الحيطة ومشاهدة اخترنا لك وبين جيل يرفض الاثنين معًا.. كانت تلك بداية الاتهامات أو الصراع الذى يذكى ناره بعض الصبية بين الحين والآخر ليصور ثورة مصر بموجتيها وكأنها صراع أجيال وهو تصور قاصر وخاطئ وكاذب.
إن كانت طبيعة الحياة هى الصراع، صراع مع النفس تارة، وصراع مع الآخر تارة أخرى، وصراع مع الطبيعة، فإن الثورات أيضا حالة صراع ولكن من العبث والجهالة أن يتم تصوير صراع الثورة المصرية بأنها صراع أجيال لأنهم بذلك ينفون عنها أعظم ما يميزها فهى ثورة شعب بكل أطيافه، فلا هى ثورة فقراء ولا هى ثورة أغنياء ولا هى ثورة جهلاء ولا هى ثورة متعلمين ولا هى ثورة رجال ولا هى ثورة نساء، إنها ثورة شعب بأكمله سواء فى موجتيها الأولى أو الثانية.
يوم 25 يناير 2011 نزل ابنى مع من نزلوا ينادى عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية وأنا وغيرى من الأمهات والآباء كنا من علمناهم هذه المعانى فنحن الذين حكينا لهم عن الفساد والظلم قبل أن يعرفوه، ونحن الذين لولانا ما صمدوا، فهل تتذكرون نداء يا أهالينا انضموا لينا، كان ابنى مع بعض مئات لم تصل لآلاف ولكن حين انضممنا نحن الجيل العرّْة أهاليهم لهم صارت ثورة ولولا ذلك ما صارت ثورة ولا صار تغيير بل مجرد احتجاج.
على مدى ثلاثة أعوام نال مصر والمصريون ما نالوا من النوائب والمصائب وما يمكن أن يفرق أمم ولكن تأتى لحظات تجمعنا فنشعر بالدفء وبمعنى كلمة شعب ولحظة الاستفتاء على الدستور الجديد كانت من بين هذه اللحظات فقد وقفت فى طابور مع فتيات فى عمر الزهور وأمهات أكبر وأصغر منى وجدات يستندن على أيدى أحفادهن، وغالبًا أغلبهن صوت بنعم فأى من هذه الأجيال عرّْة أكثر من غيره؟.
مصر عانت ما عانت فكفاية تقسيم لها، دعنا نجمع شتاتنا بدلاً من الفرقة وحتى لا نكون كقطع الموزاييك التى لا سبيل لجمعها لأن أطرافها تكسرت، فرقونا بجهل أو بقصد مرة غنى وفقير ومرة متعلم وبتاع شوارع ومرة مسلم ومسيحى ومرة من الميدان أو من ميدان آخر، كثرت ميادين مصر وكثرت الفُرقة ثم صرنا أهل ثورتين 25 ولا 30، أما أنا فمش عارفنى وبجد تهت منى فيوم كانت فقط ثورة 25 يناير كان البعض يتهمنى بأننى من خربوا البلد والمفروض أكون عاقلة، وفى ذات أم اللحظة حين كانت تجمعنى الجلسات ببعض من يقولون على أنفسهم ثوريون وأنتقدهم صوتا وصورة كانوا يتهموننى بأنى فلول، ثم هأنذا مثل غيرى متهمة بأنى جيل عرّْة، أنا مش عارفنى أنا مين!، ولكن دعنى أبتعد عن تصورات هؤلاء فمهما تهت منى فأنا عارفنى ودعنى أعرفك نفسى، أنا امرأة من مصر قلت نعم للدستور وثرت على مبارك قبل أن تولد أنت ولكن أهلى لم ينضموا لى كما انضممت أنا لك ولكنى ما قلت لهم أنتم جيل عرّْة لأنهم جيل أنا نتاجه وغيرى ملايين خيرين وغير فاسدين.
طب وحتى لو أنا مش عارفنى لكن تصور أنا عارفك يا اللى بتلخبطنى عن نفسى، أنت يا من تعطى نفسك صك الحق والثورة على الظلم وأنك نخبة النخب يا من تتقوقع على الكى بورد فرحان برقم يمثل متابعيك على التويتر أو الفيس بوك، متصورا أن عالمك الوهمى الكبير فسيح كالفضاء بينما هو عالم كسيح، يا من تشارك فى تقسيمنا لمَ لم تشارك معنا ولو بلا وألف لا فهو حقك ولكن لا تهدر حقى وحق غيرى فى نعم أو نعمين؟.
كثير من الأصوات التى تشير لبعض من جيلى أنه جيل عرّْة رد عليهم البعض مهاجمًا ومدافعًا عن جيل الآباء والأمهات بأن الجيل العرّْة الذى تتحدثون عنه هو الذى نزل ليصحح ما فعله الجيل الخايب اللى لبسنا فى الإخوان، وللحق فأنا أرفض الاتهام وأرفض الدفاع فلا بعض من جيلى عرّْة ولا جيل أبنائى لبسنا فى حيطة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة