علمتنا ثورات الربيع العربى أن الجسد العربى واحد، وأن ما يحدث فى مصر يجد صداه فى المغرب، وأن الشعب العربى حينما ينتفض فى بلد فإن هذه الانتفاضة سرعان ما تنتقل إلى بلد آخر، وأن المزاج العام لدى الشعوب العربية يكاد يكون واحدا.
من هنا يجب أن نتناول خبر مطالبة أحد نواب مجلس الأمة الكويتى بمنع «مولانا جلال الدين الرومى» الذى توفى منذ ما يقرب من 740 عاما من دخول الكويت وإلغاء الندوة المخصصة له بمزيد من الاهتمام، فللأسف معظم من تناول هذا الخبر انتهج منهج السخرية من جهل المتسترين بالدين وهو الأمر الذى أصبح معتادا وطبيعيا ومعروفا لدى الجميع، لكن أحدا لم ينتبه إلى خطورة أن يصل مواطن كويتى يتمتع بهذا القدر من الجهل إلى عضوية مجلس الأمة، وهو الأمر الذى يؤكد أن الكويت مقبلة على موجهة تطرف عاصفة، وشاحها الجهل وسيفها مجلس الأمة ووقودها الشعب الكويتى الشقيق.
المحزن فى الأمر أن الكويت كانت حتى وقت قريب منبرا للفكر وحاضنة للإبداع والمبدعين، فبها عمل الكاتب المصرى الكبير الراحل أحمد بهاء الدين، وإليها سافر الشاعر المصرى الكبير محمود حسن إسماعيل فى سبعينيات القرن الماضى، وكانت مجلاتها المتعددة والمتنوعة قبلة يقصدها المبدعون والفنانون من كل أرجاء الوطن العربى، ومازلت أذكر ما كانت تتمتع به مجلة «العربى» من سمعة طيبة ورقى بالغ وقت أن كنا نتسابق على شرائها ونتفاخر بعدد ما نقتنيه من أعدادها الزاخرة بالمواد العلمية والأدبية الراقية، لكن للأسف شمل الكويت ما شمل الوطن العربى كله من انحدار فى الثقافة وتجريف فى العقول حتى رأينا أحد نواب مجلس الأمة الكويتى يطالب بمنع جلال الدين الرومى من دخول الكويت!
هنا يجب أن نذكر أن نواب مجلس الأمة الكويتى لم يفرقوا بين الأحياء والأموات فى مطالبتهم حكومتهم بمنعهم من دخول الكويت، فلم يكن جلال الدين الرومى أول الممنوعين «المتوفين» من دخول الكويت، فقد سبق وطالب أحد النواب أيضا بمنع الشاعر الراحل معروف الرصافى من دخول الكويت كما جاء بجريدة القبس الكويتية التى أكدت أن أحد النواب أيضا قد استغرب من السماح «للشاعرة» أمل دنقل بدخول الكويت! كما نذكر جميعا واقعة منع الدكتور نصر حامد أبوزيد والشاعر وديع سعادة من دخول الكويت، وما ينذر بكارثة أن الحكومة الكويتية غالبا ما تستجيب لهذه المطالبات الجاهلة، وهو ما يؤكد أن الكويت مقبلة على أشد أنواع الاستبداد الدينى الجهول وهو ما يشكل عائقا كبيرا ليس بالنسبة للكويت فحسب وإنما بالنسبة للشعوب العربية كلها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة