«أيوه بنراقب.. واللى خايف ما يتكلمش» لا أحد ينسى هذه المقولة الخالدة لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى عام 2005، وكان يقول إن أجهزة المخابرات والأمن فى العالم تمارس عملها فى مراقبة المشتبه بهم، لكن الغريب أن وزارة الداخلية اليوم أخلت مسؤوليتها وتبرأت من تسجيل مكالمات النشطاء والسياسيين، التى أذاعها عبدالرحيم على، فيما عرف بأنه أكبر تسريبات، وما تزال تمثل زوبعة، لا أحد يعرف إلى أين سوف تنتهى، وهناك من يسعى لوقف إذاعة التسريبات، باعتبارها تمت بشكل غير مشروع، ومن يطالب بتسليمها للنيابة العامة وجهات التحقيق.
ولم تعلن أى جهة مسؤوليتها عن التسجيلات، الداخلية أعلنت بوضوح أنها بريئة من تسجيلات النشطاء، خاصة أنها فى ذاك الوقت كانت فى وضع مفكك، وحتى لو كانت مقولة العادلى صحيحة فقد أطلقها فى وقت كانت الداخلية وأجهزة الأمن قوية، شركات الاتصالات المختلفة أعلنت عدم مسؤوليتها عن تسجيل المكالمات المسربة، وهو ما يجعلها تسجيلات لقيطة، ويزيد الأمر تعقيدا، حيث لا يمكن للعفاريت مثلا أن تكون هى التى سجلت وسربت المكالمات. خاصة أن من نسبت لهم التسجيلات المسربة، اعتبروا إذاعتها نوعا من الانتقام، فيما أيد البعض إذاعتها مادامت تتعلق بتصرفات غير قانونية.
ولو علمنا حسب وزارة الاتصالات فإن عدد مستخدمى التليفون المحمول فى مصر بحوالى 115 مليون خط و10 ملايين فى التليفون الثابت، ولاشك أن هناك صعوبة لدى أى جهة فى مراقبة كل هذه التليفونات، لكن وكالة الأمن القومى الأمريكية تجسست على 125 مليار مكالمة هاتفية حول العالم خلال شهر واحد فقط، وجاء هذا ضمن فضيحة التجسس، التى طالت 35 من زعماء العالم، بما قد يشير إلى أن هناك تكنولوجيا تتيح التنصت على المكالمات.
ولا تنس أن أكبر تسريبات فى الوقت الحالى هى ما يسمى وثائق ويكيليكس،التى كانت وما تزال واحدة من أكثر ألغاز عصر المعلومات، وقد تحولت ويكليكس إلى واحدة من أكبر عمليات الانتقام السياسى، فضلا على كونها خلطة متناقضة، لا تعرف أولها من آخرها، وكنت أحد الذين طالبوا بالتعامل مع وثائق ويكيليكس بحذر، لأنها كانت من البداية مشمومة، لا تخلو من شغل استخبارات، قليل من السرى وكثير من الهجص، وتحولت إلى طريقة لضرب الخصوم والانتقام والتشفى.
التسريبات لم تتوقف طوال 3 سنوات، وكان الجميع يقتات على تسريبات فى غياب تام للمعلومات الحقيقية، بل إن فيس بوك وتويتر والمدونات شهدت أكبر عملية تسريب، عندما كان النشطاء يختلفون، فيخرج بعضهم ليسجل شهادات تشير لتعاون منافسيهم مع الأمن أو مع النظام، وهى شهادات متاحة، وبعضها يتضمن اتهامات بالعمل لحساب أجهزة فى الداخل والخارج، لهذا فإن الجدل حول الشكل والمشروعية فى إذاعة التسجيلات، لم يمنع من جدل آخر، حول مضامين هذه المكالمات، والتى تتعلق بحوارات ومناقشات وتحركات سياسية، لعدد ممن كانوا يتصدرون المشهد السياسى، ولاشك أنه جزء من معارك لم يتورع كل طرف فيها من استخدام أكثر الأسلحة فتكا، سواء كانت تحت الحزام أو فوقه، وهى طبيعة السياسة غالبًا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة