مصر فى حالة انتظار الآن، والكل يترقب موعد إعلان الفريق عبدالفتاح السيسى موقفه النهائى من الترشح للرئاسة، ولا أحد من غالبية المصريين سوف يقبل بأى نتيجة سوى إعلان الفريق ترشحه للرئاسة دون النظر إلى الاعتبارات الداخلية والمتغيرات الخارجية. فلم يعد سوى الانتظار فقط لحسم الموقف الذى يثير تأخيره تساؤلات عديدة، ويضيف إلى المشهد السياسى بعد الاستفتاء على الدستور غيومًا وضبابًا قد يحجب الرؤية، ويزيد من الحيرة والالتباس فى حالة التأخير عن حسم موقف «الفريق»، فى ظل همس دائر الآن يرجح إمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية أولًا قبل الرئاسية، بما يمنح الفرصة لدراسة الموقف جيدًا، وفقًا لمتغيرات الأوضاع الداخلية والاتصالات والزيارات الخارجية.
ليس هناك بديل أمام الغالبية من المصريين- كما هو ظاهر على السطح الآن على الأقل- سوى قرار الفريق السيسى بالترشح لرئاسة الجمهورية، ولم يمنح أحد لنفسه فسحة بسيطة من التفكير لطرح سؤال ولو افتراضى: «وماذا لو أعلن السيسى عدم ترشحه؟».. وهذا قد يكون واردًا ولو بنسبة بسيطة، فالمواقف السياسية تتغير بين لحظة وأخرى، والتقدير السياسى قد يدفع بالقرار فى الاتجاه الآخر.
كان من المتوقع والمرجح أن يعلن الرئيس فى خطاب التهنئة بالدستور الجديد تعديل خارطة الطريق، وإجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية وفقًا لرغبة معظم القوى السياسية والحزبية والمجتمعية التى التقت المستشار عدلى منصور على مدار الأسابيع الماضية، والتى حسمت موقفها بضرورة إجراء الرئاسية أولا، ثم جاء الخطاب خاليًا من التعديل، وتزامنت معه زيارة وفد الكونجرس الأمريكى واجتماعه مع الفريق السيسى، دون الإشارة إلى ما دار فى اللقاء، وهل كانت مجرد زيارة للتهنئة بالدستور، أم كانت هناك رسالة ما من واشنطن تحمل استفسارات ورغبات بالتريث فى التفكير وإرجاء الترشح؟. فالإدارة الأمريكية لم ترفع راية الاستسلام والتسليم بالأمر الواقع، وبما جرى فى مصر فى 30 يونيو، والإطاحة بعملائها الإخوان، والزيارات لا تتوقف، وظاهرها الإشادة والتأييد، وباطنها مظلم وغير معلن، والإغراءات السياسية بدأت تطل من جديد تحت لافتة «الحوار الاستراتيجى بين القاهرة وواشنطن»، وهو الحوار غير المعروفة أهدافه أو آلياته أو أسباب الإعلان عنه فى هذا التوقيت الذى انتهت فيه مصر من أهم وأكبر التزاماتها لتنفيذ خارطة المستقبل السياسى للبلاد.
التساؤلات تقفز إلى المشهد مع طول انتظار المصريين قرار الفريق السيسى بالترشح للرئاسة، وتعيد للأذهان حكاية «عام الحسم وعام الضباب» قبل حرب أكتوبر 73.