محمد الدسوقى رشدى

الرقص فوق دماء من ذهبوا!

الإثنين، 27 يناير 2014 10:07 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
(1) انزع عن نفسك ثوب الهوى، وانظر لصورة ميدان التحرير فى الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، وستجد فى الكادر ما هو آت: (من 3 سنين كان فى ناس داخل الميدان وناس فى البيوت بتشتمهم.. بعد 3 سنين الناس التانيين بقوا فى الميدان.. والناس الأولنين بقوا يشتموهم.. هيا بنا إذن نتحدث عن أساطير الآخر وتقبله، وهيا نستفيض فى شرح معنى سماحة الاختلاف وديمقراطية الرأى والرأى الآخر.. هيا بنا نحكى قصة البلد الذى أصابه جنون القوطة أو الطماطم ولم يعد يعرف لها أحد وضعا مستقرا).

(2) فى الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير امتلأ الميدان بآلاف البشر، ولكنه خلا تماما من صور الشهداء الذين سقطوا حتى يمهدوا لهؤلاء البشر طريقا للاحتفال، وفى نفس اليوم أجمعت الفضائيات على الاحتفال بكل أنواع الأغانى قديمها وجديدها، جيدها ومبتذلها، بينما كان شريط أخبار كل قناة ينقل للناس المزيد من أخبار القتل حتى ختم عداد وفيات اليوم بالعدد 49 ضحية، ومئات من المصابين، واستمرت أغانى الفضائيات فى إزعاجها واستيقظ الناس من نومهم فى الصباح التالى وكأن دماء لم ترو شقوق الأسفلت فى المطرية والألف مسكن والمهندسين وغيرها من الشوارع.

(3) بجاحة الإخوان منقطعة النظير وكذبهم الزائد عن الحد دفعهم إلى السخرية من المصريين البسطاء الذين يحتفلون بالشرطة ويهتفون للعسكر فى ذكرى الثورة، رغم أن الإخوان أنفسهم كانوا أول من هتفوا فى ذكرى الثورة الأولى ثم الثانية يا مشير أنت الأمير، ورئيسهم المعزول مرسى أول من ذهب إلى معسكر الأمن المركزى ليحتفل بذكرى الثورة التى اشتعلت أصلا بسبب ممارسات الأمن المركزى، وقال لقيادات الداخلية أنتم فى القلب من ثورة 25 يناير.

(5) الأمر باختصار أصبح كالتالى: كل تيار سياسى تربطه المصلحة أو قصة حب مع المجلس العسكرى أو أجهزة الدولة القوية ينزل إلى الشوارع ليهتف باسمها، بينما التيار الآخر على الضفة الثانية يخونه ويهزأ منه، وفى نفس الوقت ينتظر دوره ويستعد بالهتاف طمعا فى أن يكون الصديق التالى.

(6) تُعاد الأخطاء وكأننا ندور فى دائرة قطرها أضيق من خرم الإبرة، وأضطر أحيانا إلى إعادة نشر بعض ما كتبت لك مسبقا، تأكيدا على الفكرة القائلة إننا لسنا «شطار» ولا نتعلم من التكرار.. لا أعرف من أين جاء كل هذا الاشتهاء المصرى للدم، ولا أعرف طبيعة هؤلاء الذين اخترعت عقولهم مصطلحات «الشعب المصرى متدين بطبعه»، و«الشعب المصرى أطيب شعوب العالم»، إلى آخر قصيدة التفخيم التى لا نشاهد منها على أرض الواقع شيئا.

ها نحن قد عبرنا موجات التظاهر الخاصة بـ30 يونيو، وانقسم الوطن على نفسه، وتحولنا جميعا إلى قرود راقصة فى ساحة قتال يشتاق كل من ينوى الوقوف على أرضها للدم، وكأن الدم الذى شمت بعض رموز القوى السياسية فى سقوطه بالشوارع، أو يهدد قيادات التحالف والإخوان باستحلاله، ليس دم أخ، أو جار، أو رفيق مكتب، أو رحلة أتوبيس نقل عام أو ميكروباص، أو شريك فى حمل إرث الهم والفقر والجهل والمرض الذى تركه مبارك ورحل!
الأزمة تتضخم مع اليقين الذى أصبح كامنا فى نفوسنا بأن بداية اشتباكات جديدة فى شوارع مصر تعنى المزيد من الدماء والشهداء والمصابين والفوضى، مع شعور بأن كل شىء سوف ينتهى إلى لا شىء.. بلا متهمين، بلا قصاص، بلا حلول دائمة، أنقذ نفسك وابتعد عن مناطق الدم، استنكرها وحارب من يستحلها ويبرر ويخطط لها ولا تسر فى ذيل القطيع، فلن تنفعك رأسه حينما تأتى ساعة الآخرة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة