الملفت فى ذكرى ثورة يناير(الثورة الشعبية العظيمة) ليست كم الاتهامات والقذائف التى تقذف بها الثورة, وكأنها كانت السبب فى الغباء المستوحش, والعنصرية بداخلنا، وفى سلوكنا وجهلنا الكامن الذى نخجل أن نعترف به أحياناً, والذى أدى مع إضافة بعض التهور وعدم الخبرة والطمع إلى ما وصلنا إليه، ما يشترك فى كل عام من الأعوام التى مرت على ثورة يناير هى إراقة الدماء, وكمية العنف والإرهاب التى ترفض وتعاند بشدة أن تتوقف, لم أهتم إطلاقاً بكم التجريح والتشويه واستخدام ثورة يناير كشماعة لتعليق الأخطاء عليها.
فالمهتمون بإلقاء التهم وتبادل القذائف والشتائم والاتهامات على الشاشات وعلى صفحات الجرائد ليسوا من أولوياتى ولا مجال هنا للحديث عنهم لأنه بالتأكيد يوجد الأهم لكن إشارة لما قرأته والنغمة السائدة هذه الأيام فى مقالات البعض إما الانقضاض وتشويه ثورة يناير وإما التمجيد المبالغ فيه فى ثورة يونيو, لا أعترف أبداً بأن هناك ثورتين ولا أرى يناير مزيفة ولا أراها مؤامرة كان لابد منها.
كفانى حديث عن يناير لأنها مازالت تتحدث عن نفسها، ما يشغلنى ويدور برأسى فى كل وقت ألمس به صفحات الجرائد، أو أرى الدماء وآثار التفجيرات والسطو المسلح على الشاشات وفى الكمائن الشرطية هل تمكن الإرهاب من البلد؟ هل أحلام الثورة تحولت إلى كابوس مرير؟؟ تملكنى الغيظ والحزن على شهداء بنى سويف الخمسة أفراد الذين استشهدوا فى الكمين (كمين صفط الشرقية) وانتابنى غيظ أكثر عندما تطلعت إلى تفاصيل السطور لأقرأ ان اثنان من أفراد الكمين تم إطلاق النيران عليهم من الآلى بلا رحمة وهم يكبران كانا يصليان الفجر.
فى بعض الأحيان لا أستطيع استكمال الجرائد فأهرب إلى فيلم أجنبى، لأرى الرصاص وأموات أيضاً، وكأن العالم لا يحكمه غير رأس المال والنيران وأصوات الرصاص، سؤال أسأله لنفسى ويدور برأسى ولا أستطيع الإجابة عليه ولا يتوقف هو عن الرنين، (جماعة أنصار بيت المقدس) تحديداً تقوم بعمليات إرهابية، وتعلن عن نفسها وتعلن عن نجاح كل عملية بعد القيام بها، اتخاذ أماكن سكن وتجهيز وبث فى قلب مصر وضرب الأمن فى معقل داره دخول تمويل باهظ لهذه الجماعات، أموال وسلاح ومواد متفجرة واجهزة فيديو وتسجيل وحواسب آلية، ويعيشون ويتحركون بخلاف وصول ما يكفيهم من مأكل وملبس وجرائد وما يمكنهم من متابعة الاخبار كل هذا والمخابرات والأمن الوطنى والأجهزة المعنية والداخلية بكل قوتها لا تعلم !!! هل مسلسل رأفت الهجان كان كذبة جميلة؟ هل خدعنا كل هذا الوقت (صالح مرسى ).. وهو يدخل إلى العدو فى عقل داره وفى منزله وفى حفلاته وفى مكاتب المخابرات وأقسامها برشاقة فراشة، ودهاء ساحر!!!
فى كل مرة تحدث عملية إرهابية لمديرية من مديريات الأمن، أو سطو على قطاع أمن مركزى أو كمين وتسفر عن ضحايا أنتظر كليب أعداء بيت المقدس، ولا أسمع عن إجابة من الوزارة، ما أشاهده هو وجه الإرهابى الشاب مبتسم بوجه تغمره البلاهة والانصياع لأوامر طيور الظلام، ثم تفجير، ثم ضحايا، من تفجيرات الجمعة تفجيرات مترو البحوث وسينما رادوبيس بالهرم، بخلاف تفجيرات مديرية أمن القاهرة عندما تتأمل تجد أن (الإرهاب) أولاً زحف إلى العاصمة فى إشارة إلى التصعيد، وفرد واستعراض القوى، أنه لم يعد إرهاب تقليدى.. للإرهاب التقليدى( ميثاق عديم الشرف) خاص به، كان يستهدف الملوك والقادة العسكريين والوزراء، وغيرهم من الشخصيات البارزة القيادية، ولكن إذا كان هناك خطر يهدد بإمكانية قتل زوجة أو اطفال الشخص المستهدف خلال الهجوم كان الإرهابيون يمتنعون عن شن هذا الهجوم، هذا فى الماضى، أما اليوم وما نعيشه شخصياً فقد اصبح الإرهاب غير المميز بين الأشخاص هو القاعدة، ولم يعد يهتم الإرهابى أو تهتم المنظمات الراعية للإرهاب سوى بقتل عدد قليل من السياسيين أو الجنرالات، فى حين يقتل عدد كبير من الاشخاص الأبرياء كلياً، لذا تعبير الإرهاب اليوم لم يعد يتوقف على أشخاص فى الحكم أو كتاب أو إعلاميين أو سياسيين أثروا فى شكل سياسة الدولة، بل يحمل مدلولات سلبية وخطيرة لأنه لا يميز ويصر على قتل عدد كبير من الأشخاص والأبرياء، للترويع، واستعراض قوى، وانتشار مصطلح التكفير خاصة فى شكل الإرهاب المتخفى وراء رداء دينى ويصر الإرهابى أن يُطلق عليه اسم مختلف كما تفعل الجماعات الإرهابية (الإخوان )، (أنصار بيت المقدس)، (داعش)، والقاعدة وغيرها، لأن الإرهابى العصرى يريد أن يُعرف كمناضل فى سبيل الحرية، أو رجل عصابات، أو متمرد، أو ثورى أى شىء ماعدا الإرهابى القاتل، فاقد المخ والتفكير قاتل الأبرياء عشوائياً وبالمناسبة هناك شخص واحد خالف القاعدة هو (بوريس سافينكوف)الذى ترأس الثوريين الاشتراكيين الروس قبل الحرب العالمية الأولى، نشر سيرته الذاتية ولم يتردد فى إعطائها عنوان (مذكرات إرهابى) ومن ضمن السطور التى أعجبتنى فى هذا الكتاب سأوضحها فى نقاط (أنه لا يوجد إجماع على تعريف الإرهاب)، أن الإرهابى فى نظر شخص ما هو مناضل فى سبيل الحرية فى رأى شخص آخر (وهذه الركيزة ما يستغلها أباطرة رأس المال لتستمر صناعة الموت)، هناك حتى لأكبر المجرمين المسئولين عن المجازر والقتل الجماعى معجبين بهم من (هتلر) إلى( بول بوت)، هناك شخص فى حالة حرب مستمر مع نفسه حتى تموت هذه النفس وربما يكون هذا رحمة، انتهت بعض نقاط (بوريس سافينكوف)، (وزارة الخارجية الأمريكية) فى تعريفها للإرهاب العنوان 22( من المادة 2656 )من مدونة القانون الأميركى الإرهاب هو: عنف متعمد مدفوع بدوافع سياسية، ترتكبه ضد أهداف غير محاربة جماعات شبه قومية، تكفيرية أو عملاء سريون، المقصود منه عادة هو التأثير على الجمهور، تختلف وزارة الدفاع الأمريكية مع مدونة القانون الأميركى.
ويختلف أيضاً مكتب التحقيقات الفيدرالى، واختلف أنا أيضاً لأنه ليس هناك نوع واحد من الإرهاب هناك أنواع متعددة من الإرهاب تختلف من دولة لأخرى ومن غرب لشرق إرهاب يمنى متطرف، كالذى تسبب فى تفجيرات المبنى الحكومى الفيدرالى فى أوكلاهما فى 1995 وأوقع أكبر عدد ضحايا فى تاريخ الولايات المتحدة قبل تفجيرات 11 سبتمبر 2001، وإرهاب الجماعات اليسارية المتطرفة التى تحتكره الألوية الحمراء الإيطالية والجيش الأحمر الألمانى أو المجموعات الأمريكية اللاتينية المختلفة، فى الآخر يجمع البعض من قراءتى لتحليلات العمليات الإرهابية فى دول مختلفة أن الإرهاب دائما ينشط على الساحة السياسية بعد تفكك وسقوط الديكتاتوريات، أو حين يوجد غزو أجنبى كما حدث عندما احتل نابليون إسبانيا، وحين دخلت القوات الأميركية العراق، ).
الإرهابيون يستفيدون من حرية الفكر والحركة والتعبير والتجمع وحرية العقيدة التى توفرها الأنظمة الديمقراطية والتى يحاربونها، ليست هناك صيغ سحرية أو قوانين توضح سبب اختيار الناس لأن يصبحوا إرهابيين، لا يختارون بمحض إرادتهم بل يُختارون وسط انتشار الأمية، والفقر فى الشرق الأوسط بيئة مناسبة لنمو هذا العدو (الإرهاب). ..الوطن بحاجة إلى مُنقذ لا يسمع كثيراً لمن حوله، لا يهتم بالإطراء والمجاملات، يشاهد كثيراً، يقرأ أكثر، ويكون اقرب إلى الناس، أقرب إلى الشارع، أقرب إلى الواقع، وإلى الأرض كل شئ مستحيل بدون تغيير، تغيير فى كل شىء، تغيير فى الطريقة، وتغيير فى الفكر من الأفضل أن نذهب جميعاً نحو التغيير( إلى الأفضل)، قبل أن يأتى هو إلينا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة