مشهد محزن أراه فى صدارة الموقف المصرى متزايدًا يوماً بعد يوم.
كلا منا يخوِن الآخر مسيئًا به الظنون متصيدًا له الأخطاء.. فالآن بعد أن توحدنا على قلب رجل واحد فى رفض الحكم الإخوانى، ونجحنا فى إسقاطه بجموعنا الغفيرة التى عجزت كل قوى الشر المتربصة بمصر عن صدها أو بث الفرقة بينها، نظرًا للتوافق الكامل على تحقيق الهدف وقوة اللُحمة التى جمعت بين كل فئات وطبقات الشعب المصرى، سرعان ما أصابها هذا الزلزال العنيف الذى كان له أسوء الآثار من الشقوق والتصدعات التى باتت متصدرة المشهد المصرى ككل.
هل من العقل يا أصحاب العقول أن تدب الخلافات بيننا جميعاً فى هذا التوقيت الحرج الذى تمر به مصر وتحتاج إلى جهد كل أبنائها المخلصين لمواجهة الحرب الضروس التى يشنها علينا الإخوان وجماعاتهم الإرهابية التابعة، وأذيالهم الخفية وغيرها مما لم نكتشفه بعد؟
لا يجوز على الإطلاق أن نترك أرض المعركة، وننجر لخلافات لا وقت لها الآن بين شباب الثورة الغاضب الذى ظن خطأ أنه تم إقصاؤه وتهميش دوره، وبين باقى أطياف الشعب المصرى اللذين ارتأوا أن الشباب يتعالون عليهم ويستخفون بدورهم فى الثورة منذ البداية.. فكانت النتيجة المؤسفة فى النهاية لمصلحة العدو الذى يتربص بالخلاف الدائر عن كثب، متمنيًا زيادة تعمق الهوة بين الطرفين.
وفعلاً كان غضب الشباب وامتناعههم عن المشاركة فى ذكرى الثورة وكذلك انضمام بعضهم لمظاهرات الإخوان خسارة كبيرة للثورة ومكسب أكبر للعدو.
أن يتهم شباب الثورة من نزلوا إلى الميادين من كل فئات الشعب المصرى بأنهم (فلول ). هذا أمر غير منطقى وغير مقبول على الإطلاق.. وأن يتهم الشعب كل شباب ثورة يناير بالخونة الممولين.. فهذا غير منطقى
وغير مقبول على الإطلاق أيضًا..
فى النهاية لابد أن يعى الشباب أمرًا غاية فى الأهمية، هى أنه لا ثورة دون مشاركة ومباركة شعبية بإجماع، وكذلك لا بد أن تعى أيضًا كل فئات الشعب دون الشباب، أنه لا تستقيم الأمور دون مشاركة الشباب الذى يمثل المستقبل.. إذن فالحل الأمثل من وجهة نظرى المتواضعة، هو أن يستوعب كل طرف الآخر، فالشباب يجب عليه أن يستفيد من خبرات الأجيال التى سبقته ويستمع لصوت الخبرة والعقل، أما الطرف الآخر فعليه أن يستوعب حماس واندفاع وقلة الخبرة الحياتية للأجيال الجديدة.
نحن الآن أمام صورة غير مكتملة، تشوبها نقيصة ليست بهينة، فيا معشر الشباب الغاضب: إن كنتم ترون ما لا تراه غالبية الشعب، فعليكم أن تقنعوا الآخرين برؤيتكم للمستقبل التى تخالف آراء الجموع. فإن نجحتم فى ذلك، ، فأنتم إذًا على حق، وإن لم يحدث الآن فربما تتلاقى الأفكار وتتوحد الأهداف يوماً ما. ولكن بعدما نتخلص جميعاً من إرهابا محيطًا وعدوًا متربصًا بنا جميعا .
أخيراً، لا نجاح لثورة يقودها قلة دون مشاركة الشعب، ولا مستقبل دون دعائمه الأساسية من الشباب.
يا بنى وطنى: رفقاً كلاً منا بالآخر.