"الناجحون يثقون دائمًا بقدرتهم على النجاح." إن طريق الحياة يصعب جدًا على الشخص الذى لا يملك الثقة بنفسه.
والثقة بالنفس هى أولًا ثقة بالله الذى وهب كل إنسان طاقة عمل وإنتاج وتحدٍ فى وقت الشدائد، ليستطيع مواجهة تحديات الحياة.
يقول رالف والدو إمِرسون عن الثقة بالنفس: "أن تعتقد فى نفسك اعتقادًا راسخًا بإمكانية تحقيق الهدف، بإذن الله، بالرغم من جميع الأحوال والتحديات.". فهزيمة الإنسان فى الحياة تبدأ من داخل نفسه قبل أن تكون لها أسبابها فى الخارج. لأن اتجاه الإنسان السلبى نحو ذاته يجذبه بعيدًا عن الإمكانات الحقيقية التى وضعها الله داخله. لذا قيل: "رؤيتك السلبية لنفسك سبب فشلك فى الحياة".
والواثقون بأنفسهم تختلف نظرتهم نحو الحياة ومن حولهم مما يؤثر فى تصرفاتهم فى المواقف المتنوعة؛ فمن يثق بنفسه يسعى دائمًا للبناء، أمّا فاقد الثقة يبحث عن هدم كل من حوله.
فى أحد سباقات "الماراثون" العالمية، كان يتصدر السباق العدّاء الكينى طوال السباق، أمّا المتسابق الثانى فكان إسبانيًّا وكان خلفه مباشرة. إلا أن شيئًا غريبًا حدث؛ فقبل نهاية السباق بأمتار قليلة ـ عشَرة أمتار تقريبًا ـ توقف المتسابق الكينى معتقدًا أن السباق انتهى وأنه حقق الفوز. وقد كانت هٰذه فرصة سانحة للعداء الإسبانى أن يتخطاه ويفوز بالسباق؛ ولن يُعد هٰذا خطأً منه وإنما هو خطأ العداء الكينى الذى أعتقد أنه وصل نهاية السباق. إلا أن ما حدث كان على النقيض تمامًا من هٰذا؛ فقد توجه الإسبانى إلى الكينى، مشيرًا إليه بأن السباق لم ينتهِ بعد، وأنه ما زالت هناك بضعة أمتار للوصول إلى نقطة النهاية!
وهنا يأتى التساؤل: لِمَ يتصرف الإسبانى على هذا النحو، ويخسر السباق؟! أعتقد أنه كان واثقًا بنفسه، وقدراته، وإمكانية الفوز فى مرات قادمة دون الحاجة إلى خطأ من آخر.
فمن يثق بالإمكانات والمواهب التى وهبها الله له، لا يبحث عن إحراز النجاح من فشل الآخرين، وإنما يصنع النجاح بمعونة الله، وبجُهده وتعبه.
وما بين الثقة بالنفس والكبرياء كما يقولون شعرة؛ فاحترس عزيزى الإنسان من أن تتداخل الأمور ولا تُدرك هٰذا الفارق. وإذا أردت التحقق من مشاعرك، اختبرها من خلال أفعالك:
فمن يثق بنفسه يساعد من حوله على النجاح.
من يثق بنفسه لا يوجه ضربات إلى الآخرين من خلفهم لإزاحتهم من أمامه.
من يثق بنفسه لا يقلل من قيمة الآخرين أو قيمة أعمالهم.
من يثق بنفسه لا يخشى نجاح الآخرين، بل يصنع معهم نجاحهم.
من يثق بنفسه لا يبحث عن المكان الأول بين الجموع، بل يقف خلف الجميع يشددهم ويقويهم.
من يثق بنفسه لا ينتظر فرصًا للنجاح، ولكنه يصنع من كل حدث يمر به ـ أيًّا كانت صعوبته ـ فرصةً للنجاح.
من يثق بنفسه يُدرك أن العمل والجُهد المؤسسَين على الثقة بالله هما سبيل صنع الإنجازات.
فى الحياة: سِر على أرض غير مهتزة، ثق بالله الذى يحبك ووهبك الإمكانات والطاقات التى ما زال العلم يكتشف كل يوم كثيرًا منها، واعمل بها مستثمرًا إياها؛ فيومًا ما ستُسأل عنها!.. وعن الحياة ما زلنا نُبحر.
* الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة