براء الخطيب

بركاتك يا سيدى الشيخ أبو الحسن الشاذلى. .حلايب وشلاتين "2"

الجمعة، 31 يناير 2014 05:42 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وقد أصر الأستاذ "عثمان سباق" على أن يكون طعام العشاء على نفقته الخاصة حتى يرفع قليلا بعض تكلفة الرحلة عن عاتق صديقه، الذى كان صديقى منذ لحظات، الدكتور "محجوب الإبريمى" والذى كنت أعرفه دائما باسم "أسامة"، لكن كان ذلك قبل حصوله على الدكتوراه، حيث اكتشفت أن "أسامة" كان اسم التدليل له وسوف يرفع الأستاذ "عثمان سباق" عنه تكلفة السفر فى "الباص" من "أسوان" إلى "برنيس"، لأنه سوف يصحبنا فى سيارته المرسيدس إلى مدينة "شلاتين" بل أنه يدعونا إلى ضيافته فى بيتهم فى قرية "رأس حدربة" التى لا تبعد عن "شلاتين" بأكثر من عشرين كيلو مترًا، فقد اعتبرنا مصريين مثله ذاهبين إلى بلده الذى هو قطعة من أرض مصر واعتبر أن إكرامنا واجب عليه.

فى الصباح الباكر كنا فى سيارة "عثمان سباق" على بداية الطريق من "أسوان" إلى "برنيس" ومنها إلى "شلاتين" الذى عرفنا أنه بطول 300 كيلو متر، الطريق لا بأس به فهو من حارتين للمرور فى الاتجاهين بعرض ثلاثة أمتار للحارة الواحدة، كما أن الأكتاف الترابية كانت تحيط به من كل جانب وبعرض مترين للكتف الواحد، بعد ساعة ونصف كنا قد قطعنا منتصف المسافة تقريبا عندما أخبرنا مضيفنا الكريم بأنه سوف يدعونا على تناول طعام الإفطار فى استراحة بقرب ضريح "سيدنا أبو الحسن الشاذلى" على رأس مدينة "حميثرة" التابعة لمحافظة البحر الأحمر وعرفنا أن "سيدنا أبو الحسن الشاذلى" كان قد مات فيها أثناء ذهابه إلى الأراضى الحجازية قادمًا من مدينة "الإسكندرية" لتأدية فريضة الحج وبعد موته دفن فى قبره وبعدها أقام له المريدون هذا الضريح الجميل، طلب لنا مضيفنا طعام الإفطار فذهب المشرف على الاستراحة لإعداد الطعام، وقد قرر أن يلفت نظرنا إلى أهمية المكان الذى كنا نجلس فيه فراح ينشد: "يا ساكن حميثرة/ فوقك قبة منورة/ اروى العطاشا يا أبا الحسن/ بكاسات يا شاذلى معطرة/ مدد من غير عدد إلى الأبد".

وعندما رأى مضيفنا اهتمام "أسامة" بما ينشده مشرف الاستراحة، فقد راح يحدثنا عن صاحب الضريح وطريقته الصوفية بأنها طريقة مفتاحها الحب بعد أن كانت الطرق الصوفية تعتمد المجاهدة المعروف قبله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب"، فالسائر إلى الله إذا أدى الفرائض واجتنب المنهيات وأحب الله ورسوله كان وصوله إلى الله أسرع ممن جاهد نفسه بالمجاهدات والرياضات والعبادات مع افتقاد الحب الذى هو جناح الطيران إلى حضرة الرحمن، وكل منهما المجتهد فى العبادات والمحب مع إقامة الفرائض يرجى لهما الوصول، فالمحب من فرط حبه لله يكثر من النوافل بعد إقامته للفرائض محبة فى حبيبه خالصة له لا يدنس عبادته دنس رياء ولا يفسدها عجب، فهو بمحبته غائب عن حظ نفسه فى العبادة بل هى خالصة لله رب العالمين، وجاء طعام الإفطار بنوع من الخبز قال مضيفنا، إن اسمه "القبوريت" حيث يعجن الدقيق وتحفر حفرة فى الأرض يوقد بها الحطب أو الفحم النباتى من شجر "السيال" حتى تهدأ النيران ثم يزال الجمر من الحفرة وتوضع العجينة بها على شكل قرص.


ثم يوضع الرمل الساخن فوق قرص العجينة ثم يوزع الفحم الساخن على الرمل وتترك ربع ساعة تقريبًا ثم تقلب على الوجه الآخر ويتكرر وضع الرمل والجمر بعدها تأتى بقطعة قماش نظيفة لإزالة التراب من على الخبز بعد نضجه، بدأت "الأنثروبولوجيا" تفعل فعلها فى دهشة الدكتور "أسامة" الذى راح يمنى نفسه ويمنينى بمتعة لا حدود لها فى رحلتنا إلى "حلايب وشلاتين" مع أننا مازلنا على بعد مائة وخمسين كيلو من الدخول فى هذا العالم السحرى الجميل الذى تحاول السياسة والنزاعات الحدودية إفساد جماله.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة