¿ يكثر الحديث عن ضرورة توخى المواطنين الحذر بسبب التهديدات الإرهابية من زرع قنابل هنا وهناك، أو سيارات مفخخة فى شوارع مصر، وضرورة الإبلاغ عنها، وهو كلام جميل، كلام معقول منقدرش نقول حاجة عنه، ولكن قولى حضرتك وحياة أبوك يا شيخ.. كيف يمكن لأى مواطن أن يلحظ جسما غريبا فى شوارع مصر، وهى كلها أجسام غريبة من الزبالة والأكياس المليئة بالقاذورات والتى اعتدنا على رؤيتها والمرور إلى جوارها وعليها ذهابا وإيابا ليل نهار، ولهذا أتعجب من المخربين الأغبياء الذين يتم الإمساك بهم، دون أن يكونوا قد زرعوا قنابل كثيرة، فما أسهل أن تزرع قنبلة فى هذا البلد الذى تتناثر فيه الزبالة أكواماً فى كل مكان، وما أسهل أن تخفيها فى كيس أسود صغير، وتلقى بها جنب أى حائط عادى جداً، وهذا فى حد ذاته دليل على غباء المخربين الإرهابيين، ثم إننا فى البلد الوحيد فى العالم الذى توجد به سيارات فى الشوارع مركونة منذ سنين، حتى تحولت لكومة من أكوام التراب، وسهل تفخيخها، ولهذا أتعجب أيضاً من غباء المخربين الذين لا يلجأون إلى مثل تلك السيارات الموجودة أسفل كل كبارى مصر، وفى شوارعها، وعند كل إدارات المرور المصرية.. الزبالة فى مصر دليل على غباء، فلا الإرهابيون يستخدمونها لإرهابهم، ولا المسؤولون يجدون لها حلا سريعا خوفاً من استخدامها.
¿ فى اعتصامى رابعة وميدان نهضة مصر، وغالبية فعاليات الإخوان كان الأطفال وسيلة لا غاية، استخدموا أطفال ملاجىء وألبسوهم أكفانا وقالوا إنهم مشروع شهيد، ساعتها قامت الدنيا ولم تقعد، وكنا على حق حين نعتنا هذه الجماعة بالإجرام، والإتجار فى البشر أطفالاً لأجل السلطة، وطالبنا بمحاكمة المسؤول عن هذا الاستغلال، ثم ثرنا عليهم ونزعناهم من حكم مصر وقلبها وباتت هذه الجماعة ومؤيدوها تنعت الثائرين عليهم بعبيد البيادة، فرحنا كيدا وعيظاً لهم نتحدث عن شرف البيادة وقيمتها للشعوب فهى التى تحمينا، كل هذا كلام جميل، كلام معقول، لكن أن يصل بالبعض لأن يُحضر أطفالاً صغارا ويضع على رؤوسهم البيادة، ويصورهم ويتداول الكثيرون هذه الصور بفخر تحت عنوان كايدينهم، فنحن أمام استغلال للطفولة لا يقل إجراماً عن استغلال الجماعة وحتى لو كان هؤلاء الأطفال أبناء من صوروهم وليسوا أطفال ملاجىء فإن أهاليهم تستحق المحاكمة، لأنهم يربون أبناءهم على عبودية شىء أى شىء، إن مجرد تسمية حركة بكايدينهم ليس إلا تفشيا لأخلاق كيد النسا، ووضع البيادة على رؤوس الأطفال ليس أقل إجراماً من لف الأطفال بالأكفان.
¿ كان نجيب سرور أشعر شعراء عصره، ولكنه كان أكثرهم سلاطة لسان وأقساهم فحشا فى القول، ولكن رغم موت الشاعر منذ فترة طويلة، فإن شعره مازال يصلح لزماننا وهذا بعض منه.
«مات الذين يختشون... ماتوا... وعاش الداعرون..الفاجرون...انظر إليهم يعرضون عوراتهم مثل البغايا فى المعابد..ومثقفون..فيما يقال...مثقفون...الحق قال الأولون.. مات الذين يختشون. وقال أيضاً نجيب سرور، فلنعترف أنا كباراً أو صغاراً... فينا إزاء المدح ضعف لا يُقاوم.. هذا صحيح.. فى شرقنا كل ينصب نفسه فى غفلة النقاد رائد ما يشاء.. يكفى لهذا أن يكون المرء موهوباً.. بفن اللاحياء. وكما مقهى ريش موجود الآن يضم نماذج من البشر، يُكتب فيهم كتب كان المقهى موجودا فى زمن سرور وفيه من البشر من دفعه ليكتب عنهم قصيدة بروتوكولات حكماء ريش، وكأن الزمن لا يتحرك بنا، فريش مازال فى مكانه، ونفس النماذج التى حكى عنها سرور موجودة، فقال فيهم «نحن الحكماء المجتمعين بمقهى ريش، قررنا ما هو آت.. البروتوكول الأول...لا تقرأ شيئاً كن حمال حطب.. وأحمل طن كتب ضعه بجانب قنينة بيرة، أو فوق المقعد وأشرب... وانتظر الفرسان، سوف يجىء الواحد منهم تلو الآخر يحمل طن كتب». ومما كتب نجيب سرور أيضاً «أنا لست أخشى الذئب ذئباً.... إنما أخشاه فى جلد الحمل... رعبى عدو لا أراه، أو لا أراه، إلا إذا فات الأوان... وأنا كأهل الشعر معلول البصر خمن.. أطول أم قصر؟ وأخيراً وليس آخراً، قال نجيب سرور «كل العقائد كلها قامت تندد باللصوص، ثم انتهت عجباً إلى أيدى اللصوص». رحم الله نجيب سرور صاحب لزوم ما يلزم.