صرت كقضاء مصر أو قل أغلبه أستشعر الحرج من كثير من الأشياء التى تحدث وأريد أن أقولها، ولكنى حين أرى أو أظن أنى على حق يهرب منى الحرج، فلا حرج أمام حق أو بعض منه. أنا سيدة من مصر معلوماتى القضائية والقانونية محدودة جداً، إلا فى الأمور والقضايا العامة البسيطة، مثل أن عقوبة السرقة والقتل والرشوة السجن، وبالتالى لا أستطيع أن أفتى أو أناقش كثرة استشعار الحرج الذى يعلنه القضاة كثيراً هذه الأيام، ولكنى كعموم المصريين أفهم بالبلدى كده يعنى إنه حين يستشعر شخصٌ ما الحرج أمام آخر، فذلك ليس له معنى غير أن المستشعر خايف يغلط أو أن لديه نقطة ضعف تجاه الآخر، وأن استشعار الحرج فى الحالة الأولى يعنى أن ضمير الإنسان صاحى ومفنجل، ولكن استشعار الحرج فى الحالة الثانية أى فى حالة وجود نقطة ضعف تجاه الآخر، فهذا يحرم الإنسان بشكل عام من القدرة على الحكم، فكما يقال فى الأمثال الحب أعمى، فحين تحب إنسان يصعب عليك الحكم عليه لأنك لا ترى إلا إيجابياته، أما وإن كرهته فلن تستطيع إلا أن ترى مساوئه، وهذا كلام عام يسرى على كل البشر بما فيهم القضاة لأنهم فى البداية والنهاية بشر، ولكن فى حال الحديث عن استشعار الحرج فى القضاء بالتحديد وليس فى كل أمور حياتنا اليومية، فإن هناك سببا رئيسيا لاستشعار الحرج القضائى، فمثلاً لو كان المتهم قريبا أو نسيبا للقاضى، فهنا يستشعر القاضى الحرج ويتنحى عن نظر القضية والحكم فيها، لأنه يخاف من ضعفه الإنسانى فى الانحياز للمتهم، وهنا يكون استشعار الحرج صفة إيجابية فى القاضى، وقد يكون استشعار الحرج لدى القاضى لأسباب أخرى، مثل أن يكون قد حكم على المتهم ذاته فى قضايا أخرى، فيخاف أن يؤثر حكمه السابق على نظرته للمتهم، فيظلمه أو يتهاون معه فيستشعر الحرج، وتلك أيضاً أسباب إيجابية لاستشعار الحرج القضائى، وقد تكون معلوماتى كغيرى من المصريين قاصرة فى هذا الأمر، ولكن لا أستطيع أن أمنع نفسى أنا وكثير من هذا الشعب أن نتوقف على كم استشعار الحرج القضائى الذى نسمع عنه تجاه قضايا كبيرة تدور أحداثها فى أروقة محاكم مصر، ولا تخرج بها بيانات أو تفسيرات لهذا الشعب المتلخبط خلقة ربنا، فهل متروك لنا أن نفهم أن البعض من قضاة مصر صارت مشاعرهم محبة أو كارهة للمتهمين بشكل متطرف تدعوهم لاستشعار الحرج، أم هل من الممكن أن نُترك متصورين أن بعضاً من قضاة مصر يقع فى نظرية الطابور الخامس والسادس؟ أسئلة لا تجد من إجابة، وتترك لعقولنا المتخمة بنظرية المؤامرة والتطرف الحكم على معقل من أهم دعائم الدولة التى ندافع عن بقائها ونريدها كأغلبية متماسكة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة