قبل أسبوع ترددت أنباء عن رحيل الشاعر الكبير محمد الفيتورى، المولود فى غرب السودان سنة 1930، ونفى أصدقاء له، وهذه ليست المرة الأولى التى يشاع فيها خبر رحيله، الرجل الجميل مريض منذ سنوات، وندعو الله «أن يخفف عنه» إذا كان حيا، ويرحمه إذا كان الخبر صحيحا.
الفيتورى هو الوحيد حسب علمى الذى يحمل ثلاث جنسيات عربية، السودانية والليبية والمصرية، هو ابن لمتصوف ليبى شاذلى، تربى فى الإسكندرية، ودرس بعد ذلك فى الأزهر، وعمل فى الجامعة العربية والصحافة المصرية، واشتغل كدبلوماسى ليبى فى عدد كبير من عواصم العالم، هو لا شك أحد رواد الشعر العربى الحديث، وكان مع السودانيين الكبار جيلى عبدالرحمن ومحيى الدين فارس وتاج السر حسن ضمن كتيبة التجديد الشعرى فى الخمسينيات، والتى كان فى طليعتها السياب وعبدالصبور وحجازى والبياتى ونازك الملائكة، ونجحوا بالفعل فى الانتصار للروح الجديدة التى واكبت حركات التحرر فى العالم كله، تعرفنا جميعا على شعر الفيتورى من كتب الدراسة، باعتباره نصيرا لأفريقيا وأشواقها، أيام أن كانت مصر تعرف قدرها، هو شاعر القارة السوداء وشاعر العروبة، بالإضافة إلى حس صوفى يغزل القضايا الكبرى بنقائه الداخلى.
فى حواراته الأخيرة لم يتورط مثل أبناء جيله فى مهاجمة الشعر الأحدث، وكان يرى أن الروح الشعرية هى التى تحدد قيمة القصيدة، ويرى أن الشعر هو الشعر حتى لو كان نثرا، لم يكن الفيتورى مهمشا كما كتب محبوه، هو انشغل عن الشعر ومخالطة كتابه فترات طويلة، ولكن قصائده القليلة التى كتبها فى ربع القرن الأخير كانت محل اهتمام الجميع، واستقبل ديوانه الأخير «عريانا يرقص تحت الشمس» فى 2005 أحسن استقبال فى مصر، كلنا يعرف أنه من الصعب تهميش شاعر، ولكن الطغاة جميعا اتفقوا على تهميش الشعر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة