داخل القصر الصيفى البديع لشاه إيران السابق فى شمال طهران والذى تحول إلى متحف يزوره عامة الناس بعد الثورة الإيرانية، قلت للمرافق الإيرانى للوفد المصرى، مداعبا: «نحن المصريين لنا النصف فى هذا القصر ونطالب به الآن..!»، ارتسمت الدهشة على وجهه ولم يلتقط المعنى وسألنى كيف ولماذا؟، قلت له هنا تزوجت الأميرة فوزية ابنة الملك فؤاد شقيقة الملك فاروق آخر ملوك مصر قبل ثورة يوليو من ولى عهد إيران فى ذلك الوقت محمد رضا بهلوى عام 1939، تم الزفاف فى القاهرة. ثم بعد أن جاءت إلى إيران وتم الاحتفال بالزفاف مرة أخرى فى طهران، وبعد عامين من زواجها تقلد زوجها محمد رضا مقاليد الحكم بعد تنحى أبيه عن العرش. وأنجبت منه ابنتهما الوحيدة الأميرة شاهيناز بهلوى - التى حصلت على الجنسية المصرية مؤخرا-. وتم الطلاق بينهما فى عام 1945 فى القاهرة وبعدها تم الطلاق فى إيران فى عام 1948، حيث وقعت أزمة بين مصر وإيران بسبب هذا الطلاق بعد إصرار شقيقها فاروق على الطلاق ورفضه عودتها إلى إيران.
الزواج كان ثمرة علاقات تاريخية بين مصر وإيران - لم تفرق بين مذهب سنى أو شيعى- وحدثت زيجات كثرة بين البلدين، ومنذ ذلك الوقت ومصر حاضرة بثقافتها وفنها الراقى وأزهرها ومقرئيها فى كل مكان فى إيران، فلا تذهب إلى مكان إلا وتسمع صوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ راغب مصطفى غلوش وصديق المنشاوى، فالإيرانيون من عشاق مدرسة التلاوة المصرية وعشاق أم كلثوم وأفلام إسماعيل ياسين.
السيدة فيروز رئيس القسم العربى فى وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية - إيرنا - تتحدث اللهجة المصرية بطلاقة رغم أنها لم تزر مصر ولو مرة واحدة أو أنها ولدت لأب أو أم مصرية والسبب كما تقولز «بأحب الأفلام والدراما المصرية وأتابعها كثيرا وتأثرت باللهجة المصرية المحببة لنا».
أثناء زيارة لمؤسسة إيران الصحفية التقيت بالزميل مختار حداد رئيس قسم الشؤون الدولية بصحيفة الوفاق التى تصدر عن المؤسسة باللغة العربية شكا لى من وقف تأشيرات الزيارة إلى مصر، لأنه يعيش فى أزمة حقيقية فأمه المصرية التى تزوجت منذ أكثر من 40 عاما من والده الإيرانى ترغب فى زيارة مصر لتجديد جواز السفر ويريد مرافقتها لكن التأشيرات ممنوعة حتى لأبناء المصريات..!
هذه بعض القصص الإنسانية البسيطة من طهران ذات دلالة واضحة ليست بعيدة أيضاً عن السياسة ولغز القطيعة بين القاهرة وطهران.