تعرضت سمعة مصر فى الخارج للكثير من التشويه على يد حفنة ممن كنا نحسبهم أبناء وطننا، لكننا أصبحنا نشك فى هذه الوطنية الزائفة فى اليوم الذى هتفوا فيه مهللين فرحين «يوم الجمعة العصر.. أمريكا هتضرب مصر»، وذلك بعد أن أذاعت «قلعة الخيانة» المسماة بالجزيرة شائعة مغرضة قالت فيها إن بارجتين حربيتين أمريكيتين دخلتا المياه الإقليمية المصرية.
ولا تتوقف هذه الحملات المغرضة عند هذه الجماعة الإرهابية الحاقدة على مصر وتاريخها، بل تتعدى هذا الأمر لدرجة أن دولاً بأكملها كرست نفسها لمحاربة مصر والاستمرار فى تشويهها، مثل تركيا التى أصيبت بخيبة أمل كبيرة بعد أن فقدت حلم تجديد المشروع العثمانى، وجنوب أفريقيا التى تريد إزاحة مصر من المشهد العالمى لتستأثر بمقعد أفريقيا المزمع تخصيصه للقارة السمراء فى مجلس الأمن، وقطر التى كانت تريد أن تعوض ضآلتها على الخريطة بكبر وهمى على الساحة السياسية، فأعادتها مصر إلى وضعها الطبيعى بعد أن أجهضت حمل الخطيئة الناتج عن تحالفها مع جماعات الإرهاب.
تشتعل الحملة عقب الحملة ومصر تحارب فى كل الجهات، ولا يدرك بعض أطياف الشعب المصرى حساسية المرحلة وخطورتها، فتراهم ينهكون الدولة فى صراعات جانبية غير مجدية، سواء على المستوى البعيد أو المستوى القريب، وأمام مصر خياران اثنان، إما أن تشتت نفسها وتعالج آثار هذه الحملات التشويهية التخريبية المتعمدة وتترك ما يجب أن تفعله فى ملف «العدالة الاجتماعية» التى قامت الثورات للمطالبة بتحقيقها، أو أن تتفرغ لمحاربة الفقر والجوع والمرض والتشويه الحضارى والفكرى فتنتهى تلك الحملات المغرضة تلقائيا، وتقوى شوكة الدولة، ويتعمق انتماء الشعب إليها، ولهذا أتقدم باقتراح إلى السيد الرئيس عدلى منصور، والفريق أول عبدالفتاح السيسى، ينتمى إلى تلك الحزمة من الإجراءات العاجلة التى يجب على الحكومة أن تتخذها لتدعم موقفها داخليا، وتعلى من كونها «حكومة شعب» تعمل على رعايته وتحافظ على كرامته.
اقتراحى باختصار هو إنشاء مدينة متكاملة لرعاية «آباء الشوارع» هؤلاء المصريين البسطاء الذين لم يجدوا من الدولة «حنانا»، ولم يجدوا من الأقرباء برا، فاستسلموا للشارع ،بعد أن نهشت فى أجسادهم أسنان القاصين والدانين، وإنى لا أجد مشهداً من مشاهد تشويه سمعة مصر أكثر إيلاما من ذلك المشهد المتكرر الذى نراه يوميا، فلا نكاد نهتز له، سيدة فى أواخر العمر تطوف على المقاهى لتتسول لقمة، أو رجلا يجر خلفه عشرات السنين ينام فى البرد والقيظ لأنه لا يجد مأوى، تحت الكبارى ينامون، فوق الأرصفة يجلسون، ومن فضلات الطعام يأكلون.
هذه هى الخطوة الأولى لإنقاذ سمعة مصر من التشويه، وإنقاذ شعب مصر من تهمة الجحود والنكران، ولا تحسب أن هؤلاء الساكنين تحت الكبارى من كبار السن ولدوا هكذا، فربما يكونون من فئة «عزيز قوم ذل»، وربما أكون أنا أو أنت من هؤلاء الناس إذا ما تقلبت علينا الدنيا وضاقت علينا الأرض بما رحبت، وإنى أرى أيضا أن مشروع إيواء هؤلاء البسطاء الأشقياء ورعايتهم لا يقل أهمية عن مشروع ضم أطفال الشوارع إلى القوات المسلحة، فهؤلاء «الكبار» الذين يسكون الشوارع شوكة فى كرامة مصر، وسهم فى عين الدولة، وإن لم نرعاهم ونحفظهم فلا نامت عين الكرماء.