هناك خيارات أخرى للشعب أفضل من أن يظل أفراده أسرى الحزب الوطنى والإخوان، أو مبارك ومرسى. لكن هناك من يصرون على تضييق خيارات المصريين، ويدفعونهم للكفر بكل تحرك أو سعى للتغيير، ومن حسن الطالع أن المصريين ممن يقومون بدور الشعب، تجاوزوا كثيراً بعض سكان النخبة وأصبحوا يفكرون بأنفسهم، ويعرفون مايريدون.
لكنهم يواجهون من عينوا أنفسهم زعماء، ويصرون على التنكيد على المصريين بهواجس ومخاوف، سبق وأن دفعتهم لاختيارات خاطئة. ومن يقولون للشعب إنه غلطان، لايقدمون بدائل من أى نوع.
طبيعى أن يكون هناك خوف من إعادة إنتاج مبارك، أو الإخوان. لكن من ينشرون الخوف يعيدون إنتاج أنفسهم وخطابهم، وأخطائهم التى شتتت الناس. قلنا عشرات المرات إن مبارك ونظامه ليسوا أشخاصاً، وإنما طريقة تفكير.. وأن الشعب خرج رافضاً للفساد وخلط الثروة بالسلطة، والظلم، والفقر والمرض. وكرر خروجه ضد حكم مرسى وجماعته، لأنهم كرروا ماكان يفعله مبارك. ولأن الإخوان لم يفكروا فى التطهير أو العدل، بقدر مافكروا فى الحلول مكان رجال مبارك. كان الحزب الوطنى يحتكر السلطة والثروة، فإذا بجماعة الإخوان وحزبها يحتكرون الفرص، ويزحفون على نفس نقاط الارتكاز.. بل ويهددون كيان الدولة.
كان المرشد ونائبه هما الحاكمان وليس الدكتور مرسى، وبالتالى فقد كرروا مبارك بسنواته الأخيرة بشكل أسوأ.. ولهذا خرج عليهم الشعب، وعندما كانوا يردون على المعارضة، اتهموها ومعها الشعب الغاضب بأنهم كلهم من نظام مبارك، تارة باسم الدولة العميقة، وأخرى باسم الفلول. وكأن على المصريين أن يظلوا رهائن لهواجس وفزاعات.
لا يكفى إبداء الخوف من إعادة نظام مبارك أو نظام الإخوان، لكن هذا الخوف يفترض أن يترجم لخطط وخطوات، تتجاوز رد الفعل. وربما على المقيمين داخل الأحداث أن يعترفوا بأخطاء قادت إلى الارتباك، ومكنت الآخرين من الزحف.
ثلاث سنوات منذ يناير 2011 و هناك تيارات تحتكر الحديث باسم الثورة، وبالرغم من فشلها تصر على ترديد ما سبق من أفعال وأقوال، يطالبون الآخرين بتغيير طريقة تفكيرهم لأنهم أخطأوا، من دون أن يشكوا ولو للحظة أنهم يمكن أن يكونوا سبباً فى هذه الأخطاء.
ظهور رجال مبارك فى الإعلام وإعلان تأييدهم لثورة 30 يونيو، مقدمة صحيحة، لكن زعماء الوهم ينطلقون لنتائج أنه طالما أن رجال مبارك أعلنوا تأييدهم لثورة 30 يونيو، فهذا يعنى أنها كانت مؤامرة. وبعض من يرددون ذلك شاركوا فى الغضب ضد مبارك والإخوان. وهو نفس المنطق الذى يذهب لاعتبار يناير مؤامرة، لمجرد ظهور انحرافات لدى بعض من تصدروا مشاهدها.
ونرى من يقول إن تأييد الفلول للدستور مبرر للتصويت بالرفض، حتى لو كان هذا الدستور أفضل من دستور الإخوان، يتخذ موقفه ممن يقفون فى هذا المكان. الحكمة تقول «الرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال» يعنى «مش مهم مين واقف فين.. المهم انت عاوز إيه» هذه البديهية تتوه فى كل مرة يبدأ فيها البعض فى خداع نفسه والدخول فى حالة عائمة.. باسم الفلول يعيدون الإخوان، ويتبنون منطقهم، على طريقة «اقطع أنفك من أجل أن تغيظ خصمك». وإذا كان من واجبك أن تحذر من عودة نظام الوطنى، أو المرشد، لكن يفترض أن يحدد هؤلاء «ماهو نظامهم».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة