كل من يقابلنى قلقلًا على مصير مصر يسألنى إلى أين تتجه الأمور؟ ورغم خوفى الشديد أن تتجه الأمور إلى أهداف ومطالب لم تناد بها ثورة 25 يناير وهى العيش والحرية والكرامة الإنسانية، إلا أننى أقول إن العام القادم سيكون خيرا من العام الذى مضى، ربما لم يشهد العام الماضى الحزين المؤلم وصول الصراع بين الأطراف المختلفة إلى مستوى النضج أو النقطة التى تدرك من خلالها الأطراف المتصارعة الوصول إلى مرحلة التسوية أو الصفقة أو الجلوس على مائدة الحوار للتفاوض والوصول إلى حلول وسط، فى العام الماضى تم عزل الرئيس مرسى وتم توقيف العمل بالمؤسسات المنتخبة مثل مجلس الشورى، وتم إيقاف العمل بدستور عام 2012، وتبدت خريطة سياسية يخرج فيها الإخوان من السلطة ليس فقط إلى المعارضة ضمن إطار النظام السياسى، وإنما المعارضة من خارج النظام كله، واعتبار أن ما جرى فى 30 يونيو و3 يوليو هو انقلاب على الشرعية لا بد فيه من عودة الأمور إلى ما كانت عليه، والتاريخ لا يعرف العودة إلى الوراء، فقوة الاندفاع إلى الأمام قدمًا لا تجعل الزمن يلتفت إلى حيث غادر، يتحدث البعض عن عالم نهايات مفتوحة لجماعة الإخوان ومن ثم فتحولات الجماعة مفتوحة على نهايات لم تتقرر بعد، ومن ثم سؤال استمرارها فى سلميتها يظل مطروحا على تلك النهايات، وسؤال هل يمكن للجماعة أن تنفتح على احتمالات عنف فى مواجهة مجتمعها أو نظامها السياسى؟، يظل سؤالا مطروحا ومشروعا، وسؤال هل يمكن للجماعة أن تبلور مشروعا مختلفا يتجاوز زمن المحنة والامتحان تظهر فيه وجوه جديدة أكثر إصلاحية وانفتاحا تفرضه تلك النهايات المفتوحة، وتحول الجماعة من حالة إصلاحية إلى الانفتاح على حالة ثورية ذات طابع راديكالى؟، سؤال مطروح على تلك النهايات المفتوحة.
ليست أسئلة النهايات المفتوحة مقصورة على الجماعة وحدها وحلفائها، وإنما تشمل الطرف الآخر فى الصراع وهو الدولة المصرية ونظامها السياسى الذى يتشكل، فقد تمت صياغة الدستور وبانتظار استفتاء عليه سيعطى الشرعية لمرحلة ما بعد الاستفتاء حيث الشرعية ليست الآن فى حركة الدبابات والجيش لحماية مطالب الثورة وإنما هى حركة الشعب مصوتا على دستور جديد، ومن ثم نكون بإزاء تحول نحو شرعية جماهيرية وليست شرعية انقلابية، وهذا أحد التحديات الكبرى للدولة وللجماعة معا، فهناك على أعتاب يومى 14 و15 سيجتمع الفريقان ويختبر الجمعان، وبعدها سيتم تجاوز شرعية عصر الإخوان إلى عصر جديد لا زلنا بانتظاره، هذا العصر الجديد يفرض أسئلته وأولها تأسيس دولة القانون واحترام الدستور، وثانيها تأسيس دولة العدالة الاجتماعية وإلغاء الفوارق الطبقية والانحياز إلى الفئات المظلومة والمهمشة، وثالثها عودة التسامح إلى وجه الدولة المصرية فى فعلها نحو معارضيها، بحيث تكون الدولة الجديدة تعبيرا عن كل أبنائها بمن فى ذلك معارضوها، ورابعها قدرة الدولة الجديدة على القيام بوظيفتها التطويرية التى توسع من قاعدتها الاجتماعية والسياسية للمشاركة وبناء تحالفات جديدة تكون أكثر تعبيرًا عن حقائق الواقع وتطور التاريخ ولحظة الثورة التى لا تزال هى الأخرى مفتوحة على نهايات لم تغلق بعد، العام الجديد ربما يجيب لنا على بعض الأسئلة والمشكلات التى اجترحها العام الماضى، وربما تكتمل بعض الملامح لتبدد لنا عوامل الريبة والشك والغموض والقلق التى اتسم بها العام الماضى، نحن بانتظار أجوبة الأسئلة التى فتحها العام الماضى وبانتظار تشكل لملامح قد تعطينا بعض الأمل فى فهم النهايات المفتوحة على الجماعة والدولة معًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة