لا تنتصر دائماً لأنك ذكى فكثيراً ما تنتصر لأن عدوك غبى. نصيحة ملهمة طلب أحد جنود الفرس أن يكتبوها على قبره بعد أن مات بسبب غباء زملائه. وللأسف انتشرت بين صفوفنا العديد من مظاهر الغباوة التى أكد التاريخ أنها سبب رئيسى فى انقراض الكثير من الكائنات الحية. فقد نقتل الشيطان ونعيش نصدح بمجونه. أو نقضى على الإخوان ومع ذلك تتشتت البلاد وينقسم العباد، ونضيع فى الفتن الأهلية. فالخطورة لا تقتصر على إرهاب الإخوان وتشبثهم بالفوضى بل تمتد إلى حماقة بعض الأطراف فى مواجهة ذلك. فالإعلام مثلا لا يجد أى غضاضة فى أن يقدم خدمات مجانية للإخوان لتفريق الأمة ونشر الغمة، فيركز بشدة على أن هناك فروقا عظيمة بين ثورة 25 يناير وبين ثورة 30 يونيو، فهذه تابعة وتلك مقدمة، أو هذه ناسخة وتلك فاتحة. المهم أن ينقسم الشعب بين كلاهما لنصطدم فى النهاية بأن ثورة 25 صارت رمزا للمتآمرين والعملاء، وأن 30 يونيو أصبحت رمزا للاستبداد والفلول والفساد. ولتفاجئنا الفضائيات كل يوم بمعارك كلامية ومكالمات تجسس وفضائح وشتائم بين أسوأ من ركب الثورتين. ولا أعرف هل هذا جهل أم تآمر، ولكن واثق من أن النتيجة زبالة. يضاف إلى ذلك الظهور المشئوم لرجال مبارك ووجوه نظامه الفاسد الذين عادوا فجأة وكأنهم أبطال فى مواجهة الإرهاب والجهل وقادة الشعب إلى المستقبل المجيد، لذلك كان من الطبيعى أن تسمع الكثيرين يتحدثون عن مد ثورى جديد بعد أن استفزتهم عودة أسراب الغربان لتحوم حول كراسى السلطة فى مصر. ورغم ثقتى فى البطولات العظيمة التى قام بها الجيش المصرى، فإن تمسح رجال مبارك فى بطولاته ومواقفه الوطنية أصاب المشهد بضبابية كريهة شتتت الناس وأصابتهم بالإحباط والتشاؤم. ناهيكم عن القضايا التافهة والشخصيات الخائبة التى تتسيد الساحة من وقت لآخر وآخرها مثلا (سبيدر وفاهيتا)، وهذه المشاكل الكارتونية التى نفرضها على الناس متجاهلين المعاناة الاقتصادية والاجتماعية والمصائب التى يعيشها المواطن كل يوم وبلا أمل فى تغيير أو إصلاح. لذلك قد ننجح فى هزيمة الإخوان ومواجهة إرهابهم ومع ذلك قد تنتصر أفكارهم الخبيثة فى إشاعة الفوضى وتقسيم الناس، فنحن نتقن صنع ألف باب للفتن وألف سبب للخلاف.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة