إقرار واقع:
1 - تقول الأسطورة إن الجهاز الذى لعب دور «الدبة» التى قتلت نفسها وصاحبها وهى تطارد الذبابة المزعجة فى 2010 و2011 يعيد إنتاج وتمثيل وأداء نفس المشهد فى 2013، وقبل أن تسألنى عن مصير الحكمة الشعبية القائلة «التكرار بيعلم الحمار» فى هذا المشهد العظيم، آتيك بالإجابة قائلًا: «الحكمة تقول الحمار.. وفى أحيان أخرى الشطار.. والجهاز سالف الذكر لم يرتقِ بعد لمرحلة الشطار، ولم يمتلك يومًا ما حكمة الحمار فى التجريب والتغيير».
2 - يقول الواقع إن الجهاز الذى رفض التضحية باثنين من قتلة خالد سعيد لأن الواحد منهما يحمل رتبة «صول»، ورفض تطبيق القانون على قتلة سيد بلال، ودافع حتى النفس الأخير عن إسلام نبيه الذى اغتصب عماد الكبير، وزيف الأوراق وكذب فى كثير من البيانات الرسمية، وأطلق رجاله فى وسائل الإعلام يقولون إن خالد سعيد قتل نفسه، وسيد بلال عذبته الأرواح الشريرة، وعماد الكبير توسل للضابط أن يغرس العصا فى مؤخرته، حتى ملأ بتصرفاته وتجاوزاته القمعية صدور المصريين غضبًا وكرهًا، أشعل ثورة أطاحت بالنظام، وعاقبت الجهاز الأمنى بحرق المقرات والسخرية والمطاردة.. هو نفسه الجهاز الذى يعود لممارسة نفس الأخطاء الساذجة، بداية من الإفراط فى العنف، مرورًا بالاعتقالات الخائبة لبنات وأطفال بسبب حيازة شعار رابعة، وانتهاء بالفشل فى مواجهة الإرهاب الحقيقى، وتوفير الأمن الكامل للناس فى الشوارع.. وفى علوم الرياضيات تقول الكتب إن المعطيات الواحدة دومًا ما تصل بنا إلى نتائج واحدة مهما اختلف شكل المعادلة أو طريقة البرهان.
.. والتهمة حيازة «عبارات»:
تستمد الأنظمة السياسية احترامها وقوتها من جلال ووقار تحركات أجهزتها الأمنية، وتتحول الدولة إلى مرمى يستوعب أهداف النقد والسخرية إن رزقها الله بقيادات أمنية تمارس عملها على طريقة «الفيل فى المنديل»، أو «العملية فى النملية»، كما كان الحال فى رائعة فؤاد المهندس «شنبو فى المصيدة».
لا أبخس رجال الأمن حقهم وهم يواجهون الإرهاب، ولكن على الجميع إدراك أن قرارًا ضبطيًا واحدًا غير مدروس، أو تصرفًا أمنيًا واحدًا غير منطقى يشوّه أجزاء كبيرة جدًا من صورة الثورة المصرية، ويمنح الخصوم من الإخوان والمتربصين فى الخارج إعادة تصدير الثورة فى صورة الانقلاب العسكرى القمعى المضاد للحريات.
أقول لك ذلك لأن المنطق ومن اخترعه ربما يسقطان ضحية السكتة القلبية لو وصلهما خبر أن بعض المواطنين فى مصر يتم إلقاء القبض عليهم بتهمة حيازة ملصقات عليها إشارة رابعة، أو كتب ومجلدات إخوانية التأليف أو الهوى، أو لأن أحدهم رفع إشارة رابعة فى طابور مدرسة، أو داخل مصلحة حكومية.
أسمعك تقول إننا نتكلم عن حوادث فردية لا تستحق التعليق أو التحقيق أو الخوف!
يا سيدى، الرغبة الأمنية فى التعملق والقمع تحت شعار محاربة الإرهاب أصابها الجنون، ووصلت إلى تلك الدرجة التى دفعت قوات الأمن فى الإسكندرية إلى اعتقال سيدة «منتقبة» بتهمة التواجد فى محيط مكتبة الإسكندرية، وبحوزتها أجندة مدون بها عبارات معادية للجيش والشرطة.
المسألة مضحكة، أنت تعتقد ذلك، ولكن لا تتمادى فى اعتقادك، لأن كل تصرف أمنى أهوج يمنح الإخوان وغيرهم فرصة لتصدير هذه الحوادث للخارج، وكأن الثورة قامت فى مصر لقمع الحريات، ويمنح فرصة أكبر لإعادة تقديم الجماعة مرة أخرى للمجتمع فى ثوب ضحية الاضطهاد الأمنى والإقصاء السياسى.. استقيموا وأفيقوا يرحمكم الله.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة