مثلما كان احتكار السلطة والثروة هو السبب الرئيسى لغضب المصريين ضد مبارك ومرسى، فإن جزءا من أسباب تعثر نتائج الثورة هو سعى عدد محدود لاحتكارها والحديث باسمها، وتعيين أنفسهم زعماءً ورموزا، ومنح تصرفاتهم القداسة، ولأنهم أكثر قدرة على تسويق أنفسهم، فقد أصبح لهم مريدون يدافعون عنهم ظالمين ومظلومين.
وإذا حدث وأخطأ أحد هذه الرموز سيخرج عشرات المريدين يدافعون عنه، و يتجاهلون عشرات ومئات من المجهولين الذين شاركوا ومازالوا يحملون حلم التغيير، لكنهم لم يريدوا أو لم يستطيعوا الوصول إلى عالم الصور والنجوم وبالتالى لا يجدون من يدافع عنهم أو يتذكرهم، ولا تعرفهم الكاميرات والفضائيات وبرامج التوك شو.
والحقيقة أن عدوى الديكتاتورية انتقلت إلى عدد من هؤلاء الرموز ومريديهم، ممن يرفضون الاعتراف بالأخطاء التى وقعوا فيها طوال 3 سنوات، عندما سعوا للسلطة وتصدر المشهد من دون أن يقدموا مبررات لهذا الوجود، لقد كان هناك ملايين فى الميادين، لكن من تصدر المشهد عشرات، تزاحموا وتحدثوا ونصحوا وخططوا وقابلوا، وأعلنوا أراءً ثبت صحة بعضها وخطأ أكثرها، لكنهم أبدا لم يعترفوا بارتكاب أخطاءً، تماما مثل الأنظمة المتسلطة من مبارك لمرسى التى كانت ترفض الاعتراف بالأخطاء وتصر عليها وتدافع عنها.
كان على الزعماء إن كانوا صادقين أن يدخلوا فى مراجعات ويعترفوا بالأخطاء، لكنهم كانوا ومازالوا يسيرون فى نفس الطريق، من زرع اليأس والكآبة، ثم أنهم عندما تتكشف أخطاؤهم بشهادات موثقة، يسارعون للعب دور المظلوم المستهدف، من دون التفكير فى ضرورة شرح مواقفهم أو تفسيرها، لأن وجود شهادة أو وثيقة مؤكدة تكشف عن انتهازية بعض متصدرى المشهد الثوريين، قد لا تعنى الإساءة للجميع، لو اعترف صاحبها بالخطأ، لكن السادة «الرموز» يفضلون التعميم والقفز لتصوير الأمر بأنه حملة ضد شباب الثورة، بينما هم كانوا أفرادا، لو اعترفوا بالخطأ فهم يبعدون التهم عن الثورة كلها، وبالتالى فإن أنانية هؤلاء «الرموز» وحرصهم على التعميم حتى ينجوا بأنفسهم، ما يجعل النار تحرق معهم هؤلاء الذين لم يتربحوا من الأضواء أو الأرباح، ويطلب الانتهازيون ممن لم يستفيدوا شيئا ولم يربحوا من السياسة أن يسددوا ثمن انتهازية الرموز وطمعهم وأخطائهم.
فى عالم السياسة لا يمكن تصديق شخص يزعم أنه لا يخطئ، لكننا نواجه بأكبر درجة من التسلط لدى قطاع من «الرموز» ومريديهم، يرفضون الاعتراف بالخطأ، ويصرون على تعميم القضية، ويحملون الجميع أخطاءهم ونتائج انتهازيتهم كأفراد، هم يزعمون أن الثورة سرقت، مع أنهم أضاعوها.