«عارف يعنى إيه تكون بطل من أبطال أكتوبر، فالعدو يعمل عنك فيلم وثائقى، يعرض فيه شهادات لضباط بالجيش الإسرائيلى يحكون فيه عن بطولاتك.. وبلدك ما تفكرش فى ده، عارف يعنى إيه تكون فى نظر العدو طيار مجنون تصيبهم بالرعب فى سماء سيناء، فيخصصوا فريق عمل لدارسة مهاراتك الفردية فى سلاح الطيران، وفى المقابل مفيش دار نشرت تصدر كتاب واحد عن سيرتك».
هذه الحالة يجسدها اللواء طيار مقاتل أحمد المنصورى، وهى الحالة التى تكشف عن أمرين فى غاية التناقض، عن تأثير بطولات سلاح الطيران المصرى فى نفس العدو والتى لازال يتذكرها حتى الآن، وعن الوجع فى ذكرى أكتوبر، الوجع لأننا بعد 41 عاما، لم نحفظ سير أبطالنا فى كتب أو نجسدها فى أعمال تليفزيونية درامية كما ينبغى.
سيرة المنصورى العسكرية سيرة غير طبيعية تتضمن أرقاما مختلفة.. كل رقم منها يحتاج للتحليل والدراسة، فطائرته كانت من أولى الطائرات التى شاركت فى الطلعة الجوية الأولى، وكانت آخر طائرة هبطت من سماء سيناء بعد قرار وقف إطلاق النار، واسمه مكتوب فى قائمة منفردة بالقوات الجوية كأول طائر مصرى يهبط بطائرة على «مدق» وليس «ممرا»، ونزل على طريق بير عريضة فى سابقة هى الأولى من نوعها، إضافة إلى أن عدد طلعاته الجوية فى 18 يوم حرب تعدت 52 طلعة بمعدل 3 طلعات يومية مع أن عمره وقتها لم يكن يتجاوز 24 عامًا، ورغم ذلك شارك فى أطول معركة جوية فى تاريخ الحروب، تعرف فى العلوم العسكرية باسم معركة «الـ 13 دقيقة»، وهى معركة لم تكن أبدًا متكافئة بين طائرات الميج المصرية والفانتوم الإسرائيلية، إلا أن المنصورى ورفاقه حسموها لصالحنا.
البطل المنصورى، هو الوحيد بين مئات الآلاف فى الجيش المصرى الذى يحتفظ بفيديوهات وتسجيلات صوتية لمعاركه القتالية وطلعاته الجوية، بعد كل عملية ينفذها كان بيتوجه لغرفة العمليات ويحصل على نسخة من تسجيلاته انطلاقا من أن كل صوت ومشهد ورسالة استقبلها أو وجهها، هو التراث الذى سيكمل به حياته ويورثه لأبنائه وأحفاده من بعده.
خلال حديثى مع اللواء المنصورى، أخبرنى عن أبطال فى سلاح الجو مثل حسن الرافعى وحسين كبيسه، وسليمان ضيف الله، وعن سليمان تحديدًا قال لى: «سليمان ليه نصب من اسمه هو دلوقتى عند الله، سليمان بطل، طائرته أصيبت فقلت له اقفز منها بسرعة، فقالى لا فى هدف إسرائيلى أمامى هاضربه وبالفعل ضربه وقفز، وهو بيقفز أصابته طائرة إسرائيلية أخرى فمات، وسليمان كان كاتب وصية لزوجته كانت معايا قال فيها يا حبيتى إنتى صبية وجميلة وشابة، اعفى نفسك وتزوجى من رجل صالح، والمفاجأة أنها تزوجت فعلا رجل صالح كان اسمه صالح».
فى شهر الانتصارات.. شكرًا سيادة الطائر المقاتل المجنون، ولشعبك وأحفادك أن يفتخروا بك.
> عزيزى القارئ، خصصت مقالاتى بشهر أكتوبر للكتابة عن أبطال النصر، انطلاقًا من الحفاظ على ما تبقى من عطر أكتوبر، واليوم مقالى الثالث.. أدعوكم لمراسلتى ومشاركتى الكتابة عن أبطالنا الحقيقيين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة