فى أواخر عام 1976 بدأ حصار مخيم تل الزعتر الفلسطينى من القوات المارونية اللبنانية: حزب الكتائب بزعامة بيير الجميل، وميليشيا النمور التابعة لحزب الوطنيين الأحرار بزعامة كميل شمعون، وميليشيا جيش تحرير زغرتا بزعامة طونى فرنجيه، وميليشيا حراس الأرز، كانت إبادة جماعية تمت فى حق سكان المخيم الذى يقطنه 20 ألف فلسطينى و15 ألف لبنانى لجأوا إليه بعد أن تم قطع الماء والكهرباء والطعام عن المخيم قبل المذبحة، ولمدة زادت على 52 يومًا، تعرض خلالها الأهالى للقصف، ومنع الصليب الأحمر من دخوله، مما أدى إلى القضاء على المقاتلين المتحصنين بالمخيم وأهاليهم بالكامل، حيث طالب الأهالى الناجون من المذبحة فتوى تبيح أكل جثثِ الشهداء كى لا يموتوا جوعا، ومخيم «تل الزعتر» لمن لا يعرفه، هو مخيم كان موجودا فى لبنان فى المنطقة الشرقية فى بيروت، كان يعيش به عدد كبير من الفلسطينيين الذين طردوا من شمال فلسطين وبالتحديد الأغلبية من قضاء «عكا»، وكان هناك الكثير من اللبنانيين والأكراد والمصريين والعراقيين، سقط مخيم تل الزعتر، فدخلته الكتائب اللبنانية، وارتكبت فيه أفظع الجرائم، تلك الجرائم كان قد صورها شاب مصرى من سكان المخيم اسمه «مراد عبدالرؤوف» كان فى بدايته يعمل مصورا متجولا فى مناطق بيروت السياحية، وكان متزوجا من فتاة لبنانية ويسكن فى بيت متواضع جدا فى مواجهة «تلة المير»، وهى التلة التى تكشف المخيم، فمن ينجح فى السيطرة عليها فسوف يستطيع السيطرة على المخيم، واستطاع «مراد عبدالرؤوف» تصوير لقطات نادرة لسيطرة القتلة عليها، عندما أرانى هذه الصور تملكتنى الدهشة المستحيلة وسألته كيف استطاع تصوير كل هذه الصور؟! فاستنكر سؤالى واعتبره تقليلا من كفاءته، وأخرج من جرابه لفة من الصور وأخذ يعرضها على: كانت الصور لمعارك الجيش السورى فى «الجولان» أثناء حرب أكتوبر المجيدة وهو يحكى لى بوله العاشق عن الجيش السورى البطل الذى شارك شقيقه الجيش المصرى البطل فى الحرب، وحتى هذه اللحظة لم أعرف كيف صور هذه الصور «مراد عبدالرؤوف» الذى أصبح بعد ذلك «المصور الخاص» للزعيم «ياسر عرفات».
عند خروجنا من بيروت سنة 1982 خيره عرفات بالعودة إلى مصر أو الرحيل معه إلى تونس فاختار مراد الرحيل إلى تونس، ثم انقطعت أخباره عنى حتى اليوم، لكن تقديره للجيش السورى مازال حيا فى وجدانى، قام الطيران السورى - فى نفس توقيت الطيران المصرى - بقصف مواقع الجيش الإسرائيلى فى الجولان، لتنطلق وحدات وقطاعات الجيش السورى عبر الجولان مخترقة خط «آلون الدفاعى» وهو الشبيه بخط بارليف فى مصر- وصولاً إلى مشارف بحيرة «طبرية» وقد تواجد بالجولان وقتها، تجسيدا للمصير العربى الواحد كما هى عقيدة الجيش السورى، وحدات مغربية قبل الحرب عرفت بالتجريدة المغربية، ووصلت وحدات عراقية وأردنية وسعودية فور نشوب الحرب، كانت القيادة العسكرية الإسرائيلية قد ركزت ومنحت الأولوية فى الحرب لجبهة الجولان، تتدافع الذكريات فى وجدانى كلما هلّت علينا ذكرى أعظم حرب فى تاريخ الوطن عشتها بكل كيانى، تتدافع الذكريات بلا ترتيب زمنى أو منطقى، وتتحول الذكريات إلى عصافير تنقر فى القلب فمرة توجعه ومرات تحنو عليه، وتسكن تلك العصافير الذكريات حناياى عالقة كما يعلق الماء بالثوب، وأبقى فى حضرة ذكريات المجد ولا أجد نفسى الآن إلا أن أقدم التحية والتقدير للجيش العربى السورى البطل الذى شارك جيشنا العظيم فى الشهداء، كما شاركه فى الدفاع عن الوطن العربى كله، وتحاصره الآن نفس المؤامرات على الجيش المصرى، وسوف ينتصر الجيشان: المصرى والسورى على كل المتآمرين والإرهابيين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة